إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد
فإن قلت: بم اتصل قوله: إن الذين كفروا بالذكر ؟ قلت: هو بدل من قوله: الذين يلحدون في آياتنا [فصلت: 40] والذكر: القرآن; لأنهم لكفرهم به طعنوا فيه وحرفوا تأويله. وإنه لكتاب عزيز أي: منيع محمى بحماية الله تعالى، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه مثل كأن الباطل لا يتطرق إليه ولا يجد إليه سبيلا من جهة من الجهات حتى يصل إليه ويتعلق به. فإن قلت: أما طعن فيه الطاعنون، وتأوله المبطلون؟ قلت: بلى، ولكن الله قد تقدم في حمايته عن تعلق الباطل به بأن قيض قوما عارضوهم بإبطال تأويلهم وإفساد أقاويلهم، فلم يخلوا طعن طاعن إلا ممحوقا، ولا قول مبطل إلا مضمحلا. ونحوه قوله تعالى: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون [الحجر: 9].