لا يسأم الإنسان من دعاء الخير وإن مسه الشر فيئوس قنوط ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ
من دعاء الخير من طلب السعة في المال والنعمة. وقرأ : من دعاء بالخير. ابن مسعود وإن مسه الشر أي: الضيقة والفقر فيئوس قنوط بولغ فيه من طريقين: من طريق بناء فعول، ومن طريق التكرير والقنوط أن يظهر عليه أثر اليأس فيتضاءل وينكسر، أي: يقطع الرجاء من فضل الله وروحه، وهذه صفة الكافر بدليل قوله تعالى: إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون [يوسف: 87] وإذا فرجنا عنه بصحة بعد مرض أو سعة بعد ضيق قال: هذا لي أي: هذا حق وصل إلي; لأني استوجبته بما عندي من خير وفضل وأعمال بر، أو هذا لي لا يزول عني، ونحوه قوله تعالى: فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه [الأعراف: 131] ونحوه قوله تعالى: وما أظن الساعة قائمة إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين [الجاثية: 32] يريد: وما أظنها تكون، فإن كانت على طريق التوهم "إن لي" عند الله الحالة الحسنى من الكرامة والنعمة، قائسا أمر الآخرة على أمر الدنيا. وعن بعضهم: للكافر أمنيتان، يقول في الدنيا: ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى . ويقول في الآخرة: يا ليتني كنت ترابا . وقيل: نزلت في الوليد بن المغيرة . فلنخبرنهم بحقيقة ما عملوا من الأعمال الموجبة للعذاب. ولنبصرنهم عكس ما اعتقدوا فيها أنهم يستوجبون عليها كرامة وقربة عند الله وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا [الفرقان: 23] وذلك أنهم كانوا ينفقون أموالهم رئاء الناس وطلبا للافتخار والاستكبار لا غير، وكانوا يحسبون أن ما هم عليه سبب الغنى والصحة، وأنهم محقوقون بذلك.