فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه المصير
"فلذلك" فلأجل التفرق ولما حدث بسببه من تشعب الكفر شعبا "فادع" إلى الاتفاق والائتلاف على الملة الحنيفية القديمة، "واستقم" عليها وعلى الدعوة إليها كما أمرك الله، ولا تتبع أهواءهم المختلفة الباطنة بما أنزل الله من كتاب، أي: كتاب صح أن الله أنزله، يعني الإيمان بجميع الكتب المنزلة; لأن المتفرقين آمنوا ببعض وكفروا ببعض، كقوله تعالى: ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض [النساء: 150] إلى قوله: أولئك هم الكافرون حقا [النساء: 151] لأعدل بينكم في الحكم إذا تخاصمتم فتحاكمتم إلي. لا حجة بيننا وبينكم أي لا خصومة; لأن الحق قد ظهر وصرتم محجوبين به فلا حاجة إلى المحاجة. ومعناه: لا إيراد حجة بيننا; لأن المتحاجين: يورد هذا حجته وهذا حجته. الله يجمع بيننا يوم القيامة فيفصل بيننا وينتقم لنا منكم; وهذه محاجزة ومتاركة بعد ظهور الحق وقيام الحجة والإلزام. فإن قلت: كيف حوجزوا وقد فعل بهم بعد ذلك ما فعل من القتل وتخريب البيوت وقطع النخيل والإجلاء؟ قلت: المراد محاجزتهم في مواقف المقاولة لا المقاتلة.