أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون إنا كاشفو العذاب قليلا إنكم عائدون يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون
أنى لهم الذكرى كيف يذكرون ويتعظون ويفون بما وعدوه من الإيمان عند كشف العذاب وقد جاءهم ما هو أعظم وأدخل في وجوب الادكار من كشف الدخان، وهو ما ظهر على رسول الله صلى الله عليه وسلم من الآيات البينات من الكتاب المعجز وغيره من المعجزات، [ ص: 468 ] فلكم يذكروا وتولوا عنه، وبهتوه بأن عداسا غلاما أعجميا لبعض ثقيف هو الذي علمه، ونسبوه إلى الجنون، ثم قال: إنا كاشفو العذاب قليلا إنكم عائدون أي ريثما نكشف عنكم العذاب تعودون إلى شرككم لا تلبثون غب الكشف على ما أنتم عليه من التضرع والابتهال. فإن قلت: كيف يستقيم على قول من جعل الدخان قبل يوم القيامة قوله: إنا كاشفو العذاب قليلا قلت: إذا أتت السماء بالدخان تضور المعذبين به من الكفار والمنافقين. وغوثوا وقالوا: ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون منيبون، فيكشفه الله عنهم بعد أربعين يوما، فريثما يكشفه عنهم يرتدون لا يتمهلون، ثم قال: يوم نبطش البطشة الكبرى يريد يوم القيامة، كقوله تعالى: فإذا جاءت الطامة الكبرى [النازعات: 34]. إنا منتقمون أي ننتقم منهم في ذلك اليوم. فإن قلت: بم انتصب يوم نبطش؟ قلت: بما دل عليه إنا منتقمون وهو ننتقم. ولا يصح أن ينتصب بمنتقمون; لأن "إن" تحجب عن ذلك. وقرئ: (نبطش) بضم الطاء. وقرأ الحسن: (نبطش) بضم النون، كأنه يحمل الملائكة على أن يبطشوا بهم البطشة الكبرى، أو يجعل البطشة الكبرى باطشة بهم. وقيل: البطشة الكبرى : يوم بدر.