"إن" نافية، أي: فيما ما مكناكم فيه، إلا أن "إن" أحسن في اللفظ; لما فيه مجامعة "ما" مثلها من التكرير المستبشع. ومثله مجتنب، ألا ترى أن الأصل في "مهما": (ماما) فلبشاعة التكرير، قلبوا الألف هاء. ولقد أغث في قوله [من الطويل]: أبو الطيب
لعمرك ماما بان منك لضارب
وما ضره لو اقتدى بعذوبة لفظ التنزيل فقال: لعمرك ما إن بان منك لضارب. وقد [ ص: 508 ] جعلت إن صلة، مثلها فيما أنشده [الوافر]: الأخفش
يرجى المرء ما إن لا يراه وتعرض دون أدناه الخطوب
وتؤول بإنا مكناهم في مثل ما مكناكم فيه، والوجه هو الأول، ولقد جاء عليه غير آية في القرآن هم أحسن أثاثا ورئيا ، [مريم: 74] قبلهم كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثارا [غافر: 82] وهو أبلغ في التوبيخ، وأدخل في الحث على الاعتبار من شيء أي من شيء من الإغناء، وهو القليل منه. فإن قلت بم انتصب إذ كانوا يجحدون ؟ قلت: بقوله تعالى: فما أغنى . فإن قلت: لم جرى مجرى التعليل؟ قلت: لاستواء مؤدى التعليل والظرف في قولك: ضربته لإساءته وضربته إذا أساء; لأنك إذا ضربته في وقت إساءته; فإنما ضربته فيه لوجود إساءته فيه; إلا أن "إذ"، وحيث، غلبتا دون سائر الظروف في ذلك.