فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون
أولو العزم أولو الجد والثبات والصبر. و "من" يجوز أن تكون للتبعيض، ويراد بأولي العزم: بعض الأنبياء. قيل: هم نوح، صبر على أذى قومه: كانوا يضربونه حتى يغشى عليه، وإبراهيم على النار وذبح ولده، وإسحاق على الذبح، ويعقوب على فقد ولده وذهاب بصره، ويوسف على الجب والسجن، وأيوب على الضر، وموسى قال له قومه: إنا لمدركون قال كلا إن معي ربي سيهدين ، وداود بكى على خطيئته أربعين سنة، وعيسى لم يضع لبنة على لبنة وقال: إنها معبرة فاعبروها ولا تعمروها. وقال الله تعالى في آدم: ولم نجد له عزما [طه: 115] وفى يونس: ولا تكن كصاحب الحوت [القلم: 48] ويجوز أن تكون للبيان، فيكون أولو العز صفة الرسل كلهم ولا تستعجل لكفار قريش بالعذاب، أي: لا تدع لهم بتعجيله; فإنه نازل بهم لا محالة، وإن تأخر، وأنهم مستقصرون حينئذ مدة لبثهم في الدنيا حتى يحسبوها ساعة من نهار بلاغ أي هذا الذي وعظتم به كفاية في الموعظة، أو هذا تبليغ من الرسول عليه السلام فهل يهلك إلا الخارجون عن الاتعاظ به، والعمل بموجبه. ويدل على معنى التبليغ قراءة من قرأ: بلغ فهل يهلك: وقرئ: (بلاغا)، أي بلغوا بلاغا، وقرئ: (يهلك)، بفتح الياء وكسر اللام وفتحها، من هلك وهلك. ونهلك بالنون إلا القوم الفاسقون .
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ سورة الأحقاف كتب له عشر حسنات بعدد كل رملة في الدنيا".