سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا بل كان الله بما تعملون خبيرا
هم الذين خلفوا عن الحديبية، وهم أعراب غفار ومزينة وجهينة وأشجع وأسلم والديل. وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أراد المسير إلى مكة عام الحديبية معتمرا استنفر من حول المدينة من الأعراب وأهل البوادي ليخرجوا معه حذرا من قريش أن يعرضوا له بحرب أو يصدوه عن البيت، وأحرم هو صلى الله عليه وسلم وساق معه الهدي، ليعلم أنه لا يريد حربا، فتثاقل كثير من الأعراب وقالوا: يذهب إلى قوم قد غزوه في عقر داره بالمدينة وقتلوا [ ص: 539 ] أصحابه، فيقاتلهم، وظنوا أنه يهلك فلا ينقلب إلى المدينة واعتلوا بالشغل بأهاليهم وأموالهم وأنه ليس لهم من يقوم بأشغالهم. وقرئ: (شغلتنا) بالتشديد يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم تكذيب لهم في اعتذارهم. وأن الذي خلفهم ليس بما يقولون، وإنما هو الشك في الله والنفاق، وطلبهم للاستغفار أيضا ليس بصادر عن حقيقة فمن يملك لكم فمن يمنعكم من مشيئة الله وقضائه إن أراد بكم ما يضركم من قتل أو هزيمة أو أراد بكم نفعا من ظفر وغنيمة وقرئ: (ضرا)، بالفتح والضم. الأهلون: جمع أهل. ويقال: أهلات، على تقدير تاء التأنيث. كأرض وأرضات، وقد جاء أهلة. وأما أهال، فاسم جمع، كليال.