[ ص: 56 ] والمحصنات : القراءة بفتح الصاد ، وعن أنه قرأ بكسر الصاد ، وهن ذوات الأزواج . لأنهن أحصن فروجهن بالتزويج . فهن محصنات ومحصنات طلحة بن مصرف إلا ما ملكت أيمانكم يريد : ما ملكت أيمانهم من اللاتي سبين ولهن أزواج في دار الكفر فهن حلال لغزاة المسلمين وإن كن محصنات ، وفي معناه قول [من الطويل] : الفرزدق
وذات حليل أنكحتها رماحنا حلال لمن يبني بها لم تطلق
كتاب الله عليكم مصدر مؤكد ، أي : كتب الله ذلك عليكم كتابا وفرضه فرضا ، وهو تحريم ما حرم . فإن قلت : علام عطف قوله : وأحل لكم ؟ قلت : على الفعل المضمر الذي نصب كتاب الله أي : كتب الله عليكم تحريم ذلك ، وأحل لكم ما وراء ذلكم ، ويدل عليه قراءة اليماني : "كتب الله عليكم" ، "وأحل لكم" ، وروي عن اليماني : "كتب الله عليكم" ، على الجمع والرفع أي : هذه فرائض الله عليكم ، ومن قرأ : "وأحل لكم" ، على البناء للمفعول ، فقد عطفه على حرمت . أن تبتغوا مفعول له بمعنى بين لكم ما يحل مما يحرم ، إرادة أن يكون ابتغاؤكم بأموالكم التي جعل الله لكم قياما في حال كونكم محصنين غير مسافحين لئلا تضيعوا أموالكم وتفقروا أنفسكم فيما لا يحل لكم فتخسروا دنياكم ودينكم ، ولا مفسدة أعظم مما يجمع بين الخسرانين ، والإحصان : العفة وتحصين النفس من الوقوع في الحرام ، والأموال : المهور وما يخرج في المناكح . فإن قلت : أين مفعول "تبتغوا"؟ قلت : يجوز أن يكون مقدرا وهو النساء ، والأجود ألا يقدر ، وكأنه قيل : أن تخرجوا أموالكم ، ويجوز أن يكون أن تبتغوا بدلا من وراء ذلكم : والمسافح الزاني ، من السفح وهو صب المني ، وكان الفاجر يقول للفاجرة : سافحيني وماذيني من المذي فما استمتعتم به منهن فما استمتعتم به من المنكوحات من جماع أو خلوة صحيحة أو عقد عليهن فآتوهن أجورهن عليه ، فأسقط الراجع إلى "ما" لأنه لا يلبس ، كقوله : إن ذلك من عزم الأمور [لقمان : 17] بإسقاط منه ، ويجوز أن تكون "ما" في معنى النساء ، و "من" للتبعيض أو البيان ، ويرجع الضمير إليه على اللفظ في "به" ، وعلى المعنى في فآتوهن : و أجورهن مهورهن لأن المهر ثواب على البضع فريضة : حال من الأجور بمعنى مفروضة أو وضعت موضع إيتاء لأن الإيتاء مفروض أو مصدر مؤكد . أي : فرض ذلك فريضة فيما تراضيتم به من بعد الفريضة : فيما تحط [ ص: 57 ] عنه من المهر ، أو تهب له من كله أو يزيد لها على مقداره ، وقيل : فيما تراضيا به من مقام أو فراق وقيل : نزلت في المتعة التي كانت ثلاثة أيام حين فتح الله مكة على رسوله عليه الصلاة والسلام ثم نسخت ، كان بثوب أو غير ذلك ، ويقضي منها وطره ثم يسرحها . سميت متعة لاستمتاعه بها أو لتمتيعه لها بما يعطيها ، وعن الرجل ينكح المرأة وقتا معلوما ليلة أو ليلتين أو أسبوعا : لا أوتى برجل تزوج امرأة إلى أجل إلا رجمتهما بالحجارة ، عمر ، وقيل : أبيح مرتين وحرم مرتين ، وعن وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أباحها ، ثم أصبح يقول : "يا أيها الناس إني كنت أمرتكم بالاستمتاع من هذه النساء ، ألا إن الله حرم ذلك إلى يوم القيامة" : هي محكمة ، يعني لم تنسخ ، وكان يقرأ : "فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى" ، ويروى أنه رجع عن ذلك عند موته وقال : اللهم إني أتوب إليك من قولي بالمتعة ، وقولي في الصرف. ابن عباس