ألم يجدك يتيما فآوى ووجدك ضالا فهدى ووجدك عائلا فأغنى
عدد عليه نعمه وأياديه ، وأنه لم يخله منها من أول تربيه وابتداء نشئه، ترشيحا لما أراد به; ليقيس المترقب من فضل الله على ما سلف منه، لئلا يتوقع إلا الحسنى وزيادة الخير والكرامة: ولا يضيق صدره ولا يقل صبره. و ألم يجدك من الوجود الذي بمعنى العلم: والمنصوبان مفعولا وجد. والمعنى: ألم تكن يتيما، وذلك أن أباه مات وهو جنين قد أتت عليه ستة أشهر وماتت أمه، وهو ابن ثمان سنين، فكفله عمه أبو طالب ، وعطفه الله عليه فأحسن تربيته. ومن بدع التفاسير: أنه من قولهم: "درة يتيمة" وأن المعنى: ألم يجدك واحدا في قريش عديم النظير فآواك. وقرئ: فآوى؛ وهو على معنيين: إما من أواه بمعنى آواه. سمع بعض الرعاة يقول: أين آوي هذه الموقسة، وإما من أوي له: إذا رحمه ضالا معناه الضلال عن علم الشرائع وما طريقه السمع، كقوله: ما كنت تدري ما الكتاب [الشورى: 52]. وقيل: ضل في صباه في [ ص: 393 ] بعض شعاب مكة ، فرده أبو جهل إلى عبد المطلب . وقيل: أضلته حليمة عند باب مكة حين فطمته وجاءت به لترده على عبد المطلب . وقيل: ضل في طريق الشام حين خرج به أبو طالب ، فهداك: فعرفك القرآن والشرائع. أو فأزال ضلالك عن جدك وعمك. ومن قال: كان على أمر قومه أربعين سنة، فإن أراد أنه كان على خلوهم عن العلوم السمعية، فنعم; وإن أراد أنه كان على دينهم وكفرهم، فمعاذ الله; والأنبياء يجب أن يكونوا معصومين قبل النبوة وبعدها من الكبائر والصغائر الشائنة، فما بال الكفر والجهل بالصانع ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء [يوسف: 38]. وكفى بالنبي نقيصة عند الكفار أن يسبق له كفر عائلا فقيرا. وقرئ: عيلا كما قرئ: سيحات. وعديما فأغنى فأغناك بمال . أو بما أفاء عليك من الغنائم. قال عليه السلام: " خديجة " وقيل: قنعك وأغنى قلبك". جعل رزقي تحت ظل رمحي