مكية، آياتها خمس
نزلت بعد [الكافرون]
بسم الله الرحمن الرحيم
ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ألم يجعل كيدهم في تضليل وأرسل عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول
روي أن أبرهة بن الصباح الأشرم ملك اليمن من قبل بنى كنيسة أصحمة النجاشي بصنعاء وسماها القليس، وأراد أن يصرف إليها الحاج، فخرج رجل من كنانة فقعد فيها ليلا، فأغضبه ذلك. وقيل: أججت رفقة من العرب نارا فحملتها الريح فأحرقتها، فحلف ليهدمن الكعبة، فخرج بالحبشة ومعه فيل له اسمه محمود، وكان قويا عظيما، واثنا عشر فيلا غيره. وقيل: ثمانية. وقيل: كان معه ألف فيل، وكان وحده; فلما بلغ المغمس خرج إليه عبد المطلب وعرض عليه ثلث أموال تهامة ليرجع، فأبى وعبأ جيشه وقدم الفيل، فكانوا كلما وجهوه إلى الحرم برك ولم يبرح، وإذا وجهوه إلى اليمن أو إلى غيرها من الجهات هرول; فأرسل الله طيرا سودا. وقيل: خضرا. وقيل: بيضا، مع كل طائر حجر في منقاره، وحجران في رجليه أكبر من العدسة وأصغر من الحمصة. وعن - رضي الله عنهما - أنه رأى منها عند ابن عباس قفيزا مخططة بحمرة كالجزع الظفاري، فكان الحجر يقع على رأس الرجل فيخرج من دبره، وعلى كل حجر اسم من يقع عليه، ففروا فهلكوا في كل طريق ومنهل; ودوى أم هانئ أبرهة فتساقطت أنامله وآرابه، وما مات حتى انصدع صدره عن قلبه. وانفلت وزيره أبو يكسوم وطائره يحلق فوقه، حتى بلغ فقص عليه القصة، فلما أتمها وقع عليه الحجر فخر ميتا بين يديه. وقيل: كان [ ص: 432 ] النجاشي أبرهة جد الذي كان في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربعين سنة، وقيل: بثلاث وعشرين سنة. وعن النجاشي رضي الله عنها: رأيت قائد الفيل وسائسه أعميين مقعدين يستطعمان. وفيه أن عائشة أبرهة أخذ لعبد المطلب مائتي بعير، فخرج إليه فيها، فجهره وكان رجلا جسيما وسيما. وقيل: هذا سيد قريش وصاحب عير مكة الذي يطعم الناس في السهل والوحوش في رؤوس الجبال، فلما ذكر حاجته قال: سقطت من عيني، جئت لأهدم البيت الذي هو دينك ودين آبائك وعصمتكم وشرفكم في قديم الدهر، فألهاك عنه ذود أخذ لك; فقال أنا رب الإبل، وللبيت رب سيمنعه، ثم رجع وأتى باب البيت فأخذ بحلقته وهو يقول [من مجزوء الكامل]:
لاهم إن المرء يم نع أهله فامنع حلالك
لا يغلبن صليبهم ومحالهم عدوا محالك
إن كنت تاركهم وكع بتنا فأمر ما بدا لك
يا رب لا أرجو لهم سواكا يا رب فامنع منهم حماكا
............... ضربا تواصت به الأبطال سجيلا
وإنما هو سجينا، والقصيدة نونية مشهورة في ديوانه; وشبهوا بورق الزرع إذا أكل، أي: وقع فيه الأكال: وهو أن يأكله الدود. أو بتبن أكلته الدواب وراثته، ولكنه جاء على ما عليه آداب القرآن، كقوله: كانا يأكلان الطعام [المائدة: 75]. أو أريد: أكل حبه فبقي صفرا منه.
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ سورة [الفيل] أعفاه الله أيام حياته من الخسف والمسخ".