ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثما مبينا
الذين يزكون أنفسهم : اليهود والنصارى ، قالوا : نحن أبناء الله وأحباؤه ، وقالوا : لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ، وقيل : جاء رجال من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأطفالهم فقالوا : هل على هؤلاء ذنب؟ قال : "لا" . قالوا : والله ما نحن إلا كهيئتهم ، ما عملناه بالنهار كفر عنا بالليل ، وما عملناه بالليل كفر عنا بالنهار . فنزلت ، ذكره في أسبابه ويدخل فيها [ ص: 91 ] كل من الواحدي . فإن قلت : أما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : زكى نفسه ووصفها بزكاء العمل وزيادة الطاعة والتقوى والزلفى عند الله قلت : إنما قال ذلك حين قال له المنافقون : اعدل في القسمة; إكذابا لهم إذ وصفوه بخلاف ما وصفه به ربه ، وشتان من شهد الله له بالتزكية ، ومن شهد لنفسه أو شهد له من لا يعلم "والله إني لأمين في السماء أمين في الأرض" بل الله يزكي من يشاء إعلام بأن تزكية الله هي التي يعتد بها . لا تزكية غيره لأنه هو العالم بمن هو أهل للتزكية ، ومعنى "يزكي من يشاء" : يزكي المرتضين من عباده الذين عرف منهم الزكاء فوصفهم به ولا يظلمون فتيلا : أي الذين يزكون أنفسهم يعاقبون على تزكيتهم أنفسهم حق جزائهم . أو من يشاء يثابون على زكائهم ولا ينقص من ثوابهم ، ونحوه فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى [النجم : 32] كيف يفترون على الله الكذب في زعمهم أنهم عند الله أزكياء وكفى بزعمهم هذا إثما مبينا من بين سائر آثامهم .