[ ص: 233 ] والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء والله على كل شيء قدير
والسارق والسارقة : رفعهما على الابتداء والخبر محذوف عند سيبويه ، كأنه قيل : [ ص: 234 ] وفيما فرض عليكم السارق والسارقة أي حكمهما ، ووجه آخر وهو أن يرتفعا بالابتداء ، والخبر فاقطعوا أيديهما ودخول الفاء لتضمنهما معنى الشرط ، لأن المعنى : والذي سرق والتي سرقت فاقطعوا أيديهما ، والاسم الموصول يضمن معنى الشرط ، وقرأ بالنصب ، وفضلها عيسى بن عمر على قراءة العامة لأجل الأمر لأن "زيدا فاضربه" أحسن من "زيد فاضربه" سيبويه أيديهما : يديهما ، ونحوه : فقد صغت قلوبكما [التحريم : 4] اكتفى بتثنية المضاف إليه عن تثنية المضاف ، وأريد باليدين اليمينان ، بدليل قراءة عبد الله : "والسارقون والسارقات فاقطعوا أيمانهم" ، والسارق في الشريعة : من سرق من الحرز : والمقطع : الرسغ ، وعند الخوارج : المنكب ، والمقدار الذي يجب به القطع عشرة دراهم عند ، وعند أبي حنيفة مالك - رحمهما الله - ربع دينار ، وعن الحسن درهم وفي مواعظه : احذر من قطع يدك في درهم . "جزاء" و "نكالا " : مفعول لهما ، "فمن تاب" : من السراق ، "من بعد ظلمه" : من بعد سرقته ، " وأصلح " : أمره بالتقصي عن التبعات والشافعي فإن الله يتوب عليه ويسقط عنه عقاب الآخرة ، وأما القطع قلا تسقطه التوبة عند وأصحابه . وعند أبي حنيفة في أحد قوليه تسقطه "من يشاء" من يجب في الحكمة تعذيبه والمغفرة له من المصرين والتائبين ، وقيل : الشافعي ليكون أدعى له إلى الإسلام وأبعد من التنفير عنه ، ولا يسقطه عن المسلم : لأن في [ ص: 235 ] إقامته الصلاح للمؤمنين والحياة يسقط حد الحربي إذا سرق بالتوبة ، ولكم في القصاص حياة [البقرة : 179] . فإن قلت : لم قدم التعذيب على المغفرة؟ قلت : لأنه قوبل بذلك تقدم السرقة على التوبة .