يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينـزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون
[ ص: 436 ] لا يفتننكم الشيطان : لا يمتحننكم بأن لا تدخلوا الجنة ، كما محن أبويكم بأن أخرجهما منها ينزع عنهما لباسهما : حال ، أي : أخرجهما نازعا لباسهما ، بأن كان سببا في أن نزع عنهما إنه يراكم هو : تعليل للنهي ، وتحذير من فتنته ، بأنه بمنزلة العدو المداجي ، يكيدكم ويغتالكم من حيث لا تشعرون ، وعن أن عدوا يراك ولا تراه ، لشديد المؤنة إلا من عصم الله ، " وقبيله " : وجنوده من الشياطين ، وفيه دليل بين أن الجن لا يرون ، ولا يظهرون للإنس ، وأن إظهارهم أنفسهم ليس في استطاعتهم ، وأن زعم من يدعي رؤيتهم زور ، ومخرقة مالك بن دينار : إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون أي : خلينا بينهم وبينهم لم نكفهم عنهم حتى تولوهم وأطاعوهم فيما سولوا لهم من الكفر والمعاصي ، وهذا تحذير آخر أبلغ من الأول .
فإن قلت : علام عطف و “ قبيله"؟
قلت : على الضمير في "يراكم" المؤكد بـ “ هو" والضمير في "أنه" للشأن والحديث ، وقرأ اليزيدي : "وقبيله" : بالنصب ، وفيه وجهان : أن يعطفه على اسم "إن" ، وأن تكون الواو بمعنى "مع" ، وإذا عطفه على اسم "إن" ، وهو الضمير في إنه ، كان راجعا إلى إبليس .