إلا أخذنا أهلها بالبأساء : بالبؤس والفقر والضراء : بالضر ، والمرض ; لاستكبارهم عن اتباع نبيهم ، وتعززهم عليه لعلهم يضرعون : ليتضرعوا ، ويتذللوا ، ويحطوا أردية الكبر والعزة ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة أي : أعطيناهم بدل ما كانوا فيه من البلاء ، والمحنة ، والرخاء ، والصحة ، والسعة ; كقوله : وبلوناهم بالحسنات والسيئات [الأعراف : 168] حتى عفوا : كثروا ونموا في أنفسهم وأموالهم ، من قولهم : عفا النبات ، وعفا الشحم والوبر : إذا كثرت ; ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - : وقال "وأعفوا عن اللحى" . الحطيئة : [من الطويل]
بمستأسد القريان عاف نباته .......................
[ ص: 478 ] وقال : [من الوافر]
ولكنا نعض السيف منها بأسوق عافيات الشحم كوم
وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء يعني : وأبطرتهم النعمة ، وأشروا ، فقالوا : هذه عادة الدهر ، يعاقب في الناس بين الضراء والسراء ، وقد مس آباؤنا نحو ذلك ، وما هو بابتلاء من الله لعباده ، فلم يبق بعد ابتلائهم بالسيئات والحسنات إلا أن نأخذهم بالعذاب ، [ ص: 479 ] فأخذناهم : أشد الأخذ وأفظعه ، وهو أخذهم فجأة من غير شعور منهم .