ويذرك : عطف على : "يفسدوا" ; لأنه إذا تركهم ولم يمنعهم ، وكان ذلك مؤديا إلى ما دعوه فسادا ، وإلى تركه ، وترك آلهته ، فكأنه تركهم لذلك ، أو هو جواب للاستفهام بالواو ، كما يجاب بالفاء ; نحو قول الحطيئة [من الوافر] :
ألم أك جاركم ويكون بيني وبينكم المودة والإخاء
والنصب بإضمار "أن" تقديره : أيكون منك ترك موسى ، ويكون تركه إياك وآلهتك .
وقرئ : "ويذرك وآلهتك" بالرفع عطفا على أتذر موسى ، بمعنى : أتذره وأيذرك ، يعني : تطلق له ذلك ، أو يكون مستأنفا أو حالا على معنى : أتذره ، وهو يذرك وآلهتك .
وقرأ : "ويذرك" بالجزم ، كأنه قيل : يفسدوا ، كما قرئ : "فأصدق وأكن من الصالحين" ; كأنه قيل : أصدق ، وقرأ الحسن - رضي الله عنه - : "ونذرك" ، بالنون والنصب ، أي : يصرفنا عن عبادتك فنذرها . أنس
وقرئ : ويذرك وإلاهتك ، أي : عبادتك ، وروي : أنهم قالوا له ذلك ; لأنه وافق السحرة على الإيمان ستمائة ألف نفس ، فأرادوا بالفساد في الأرض ذلك ، وخافوا أن يغلبوا على الملك ، وقيل : صنع فرعون لقومه أصناما وأمرهم أن يعبدوها ; تقربا إليه ، كما يعبد عبدة الأصنام الأصنام ، ويقولون : ليقربونا إلى الله زلفى ، ولذلك قال : "أنا ربكم [ ص: 492 ] الأعلى سنقتل أبناءهم يعني : سنعيد عليهم ما كنا محناهم به من قتل الأبناء ، ليعلموا أنا على ما كنا عليه من الغلبة والقهر ، وأنهم مقهورون تحت أيدينا كما كانوا ، وأن غلبة موسى لا أثر لها في ملكنا واستيلائنا ، ولئلا يتوهم العامة أنه هو المولود الذي أخبر المنجمون والكهنة بذهاب ملكنا على يده ، فيثبطهم ذلك عن طاعتنا ، ويدعوهم إلى اتباعه ، وأنه منتظر بعد .