الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون ولا يستطيعون لهم نصرا ولا أنفسهم ينصرون وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون

                                                                                                                                                                                                أجريت الأصنام مجرى أولي العلم في قوله : وهم يخلقون ، بناء على اعتقادهم فيها ، وتسميتهم إياها آلهة ، والمعنى : أيشركون ما لا يقدر على خلق شيء كما يخلق الله ، وهم يخلقون؟ لأن الله - عز وجل - خالقهم ، أو لا يقدر على اختلاق شيء ; لأنه جماد ، وهم يخلقون ; لأن عبدتهم يختلقونهم ، فهم أعجز من عبدتهم ولا يستطيعون لهم : لعبدتهم نصرا ولا أنفسهم ينصرون : فيدفعون عنها ما يعتريها من الحوادث ، بل عبدتهم هم الذي يدفعون عنهم ويحامون عليهم وإن تدعوهم : وإن تدعوا هذه الأصنام إلى الهدى أي : إلى ما هو هدى ورشاد ، وإلى أن يهدوكم ، والمعنى : وإن تطلبوا منهم كما تطلبون من الله الخير والهدى ، لا يتبعوكم إلى مرادكم وطلبتكم ، ولا يجيبوكم كما يجيبكم الله ; ويدل عليه قوله : فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين [الأعراف : 194] سواء عليكم أدعوتموهم : أم صمتم عن دعائهم ، في أنه لا فلاح معهم .

                                                                                                                                                                                                فإن قلت : هلا قيل : أم صمتم؟ ولم وضعت الجملة الاسمية موضع الفعلية؟

                                                                                                                                                                                                قلت : لأنهم كانوا إذا حزبهم أمر دعوا الله دون أصنامهم ; كقوله : وإذا مس الناس ضر ، فكانت حالهم المستمرة أن يكونوا صامتين عن دعوتهم ، فقيل : إن دعوتموهم ، لم تفترق الحال بين إحداثكم دعاءهم ، وبين ما أنتم عليه من عادة صمتكم عن دعائهم .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية