العرض: ما عرض لك من منافع الدنيا، يقال: الدنيا عرض حاضر يأكل منه البر والفاجر; أي: لو كان ما دعوا إليه غنما قريبا سهل المنال، وسفرا قاصدا : وسطا مقاربا، الشقة : المسافة الشاطة الشاقة، وقرأ : "بعدت عليهم الشقة"، بكسر العين والشين; ومنه قوله [من الطويل]: عيسى بن عمر
يقولون لا تبعد وهم يدفنونه ... ولا بعد إلا ما تواري الصفائح
بالله : متعلق بـ"سيحلفون"، أو هو من جملة كلامهم، والقول مراد في الوجهين، أي: سيحلفون، يعني: المتخلفين عند رجوعك من غزوة تبوك معتذرين يقولون بالله، لو استطعنا لخرجنا معكم : أو سيحلفون بالله ويقولون: لو استطعنا، وقوله: [ ص: 48 ] "لخرجنا": سد مسد جوابي القسم ولو جميعا، والإخبار بما سوف يكون بعد القفول من حلفهم واعتذارهم، وقد كان من جملة المعجزات. ومعنى الاستطاعة: استطاعة العدة، أو استطاعة الأبدان، كأنهم تمارضوا . وقرئ: لو استطعنا، بضم الواو تشبيها لها بواو الجمع في قوله: فتمنوا الموت [الجمعة: 7 ]، يهلكون أنفسهم : إما أن يكون بدلا من "سيحلفون"، أو حالا بمعنى: مهلكين، والمعنى: أنهم يوقعونها في الهلاك بحلفهم الكاذب، وما يحلفون عليه من التخلف، ويحتمل أن يكون حالا من قوله: "لخرجنا" أي: لخرجنا معكم، وإن أهلكنا أنفسنا، وألقيناها في التهلكة بما نحملها من المسير في تلك الشقة، وجاء به على لفظ الغائب; لأنه مخبر عنهم، ألا ترى أنه لو قيل: سيحلفون بالله لو استطاعوا لخرجوا، لكان سديدا، يقال: حلف بالله ليفعلن ولأفعلن، فالغيبة على حكم الإخبار، والتكلم على الحكاية .