هذا من التشبيه المركب، شبهت حال الدنيا في سرعة تقضيها، وانقراض نعيمها بعد الإقبال، بحال نبات الأرض في جفافه وذهابه حطاما بعد ما التف وتكاثف، وزين الأرض بخضرته ورفيفه، فاختلط به : فاشتبك بسببه حتى خالط بعضه بعضا، أخذت الأرض زخرفها وازينت : كلام فصيح: جعلت الأرض آخذة زخرفها على التمثيل بالعروس، إذا أخذت الثياب الفاخرة من كل لون، فاكتستها وتزينت بغيرها من ألوان الزين، وأصل: "ازينت": تزينت، فأدغم، وبالأصل قرأ عبد الله ، وقرئ: "وأزينت"، أي: أفعلت، من غير إعلال الفعل كأغيلت، أي: صارت ذات زينة، "وازيانت" بوزن ابياضت، قادرون عليها : متمكنون من منفعتها محصلون لثمرتها، رافعون لعلتها، أتاها أمرنا : وهو ضرب زرعها ببعض العاهات بعد أمنهم واستيقانهم أنه قد سلم، فجعلناها : فجعلنا زرعها، حصيدا : شبيها بما يحصد من الزرع في قطعه واستئصاله، كأن لم تغن : [ ص: 130 ] كأن لم يغن زرعها، أي: لم ينبت على حذف المضاف في هذه المواضع لا بد منه، وإلا لم يستقم المعنى. وقرأ "كأن لم يغن" بالياء على أن الضمير للمضاف المحذوف، الذي هو الزرع. وعن الحسن: أنه قرأ على المنبر: "كأن لم تتغن بالأمس"، من قول مروان الأعشى [من المتقارب]:
............................ ... طويل الثواء طويل التغن
والأمس: مثل في الوقت القريب; كأنه قيل: كأن لم تغن آنفا .