إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم
والصفا والمروة: علمان للجبلين، كالصمان والمقطم والشعائر: جمع شعيرة، وهي العلامة، أي: من أعلام مناسكه ومتعبداته، والحج: القصد، والاعتمار: الزيارة، فغلبا على قصد البيت وزيارته للنسكين المعروفين، وهما في المعاني كالنجم والبيت في الأعيان، وأصل "يطوف": يتطوف، فأدغم، وقرئ: (أن يطوف): من طاف.
فإن قلت: كيف قيل: إنهما من شعائر الله، ثم قيل: لا جناح عليه أن يطوف بهما؟ قلت: كان على الصفا إساف، وعلى المروة نائلة، وهما صنمان، يروى أنهما كانا رجلا وامرأة زنيا [ ص: 350 ] في الكعبة، فمسخا حجرين فوضعا عليهما ليعتبر بهما، فلما طالت المدة عبدا من دون الله، فكان أهل الجاهلية إذا سعوا مسحوهما، فلما جاء الإسلام وكسرت الأوثان كره المسلمون الطواف بينهما، لأجل فعل الجاهلية، وأن لا يكون عليهم جناح في ذلك، فرفع عنهم الجناح، واختلف في فمن قائل: هو تطوع بدليل رفع الجناح وما فيه من التخيير بين الفعل والترك، كقوله: السعي، فلا جناح عليهما أن يتراجعا [البقرة: 230]وغير ذلك، ولقوله: ومن تطوع خيرا ، كقوله: فمن تطوع خيرا فهو خير له [البقرة: 184]، ويروى ذلك عن ، أنس ، وابن عباس ، وتنصره قراءة وابن الزبير : (فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما). ابن مسعود
وعن - رحمه الله - أنه واجب وليس بركن، وعلى تاركه دم، وعند الأولين لا شيء عليه، وعند أبي حنيفة مالك : هو ركن; لقوله -عليه السلام-: والشافعي "اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي".
وقرئ: (ومن يطوع) بمعنى: ومن يتطوع، [ ص: 351 ] فأدغم، وفي قراءة عبد الله : (ومن يتطوع بخير).