وتلك عاد : إشارة إلى قبورهم وآثارهم، كأنه قال: سيحوا في الأرض، فانظروا إليها واعتبروا، ثم استأنف وصف أحوالهم فقال: جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله ; لأنهم إذا عصوا رسولهم، فقد عصوا جميع رسل الله، لا نفرق بين أحد من رسله ، قيل: لم يرسل إليهم إلا هود وحده، كل جبار عنيد : يريد: رؤساءهم، وكبراءهم، ودعاتهم إلى تكذيب الرسل، ومعنى اتباع أمرهم: طاعتهم، ولما كانوا تابعين لهم دون الرسل، جعلت اللعنة تابعة لهم في الدارين، تكبهم على وجوههم في عذاب الله، و "ألا": وتكرارها مع النداء على كفرهم والدعاء عليهم، تهويل لأمرهم وتفظيع له، وبعث على الاعتبار بهم والحذر من مثل حالهم.
[ ص: 211 ] فإن قلت: "بعدا" دعاء بالهلاك، فما معنى الدعاء به عليهم بعد هلاكهم ؟
قلت: معناه: الدلالة على أنهم كانوا مستأهلين له; ألا ترى إلى قوله [من المديد]:
إخوتي لا تبعدوا أبدا ... وبلى والله قد بعدوا
قوم هود : عطف بيان لعاد.
فإن قلت: ما الفائدة في هذا البيان، والبيان حاصل بدونه ؟
قلت: الفائدة فيه: أن يوسموا بهذه الدعوة وسما، وتجعل فيهم أمرا محققا، لا شبهة فيه بوجه من الوجوه، ولأن عادا عادان: الأولى: القديمة التي هي قوم هود والقصة فيهم، والأخرى: إرم .