ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون
ولقد أهلكنا القرون من قبلكم يا أهل مكة . لما ظلموا حين ظلموا بالتكذيب واستعمال القوى والجوارح لا على ما ينبغي وجاءتهم رسلهم بالبينات بالحجج الدالة على صدقهم وهو حال من الواو بإضمار قد أو عطف على ظلموا . وما كانوا ليؤمنوا وما استقام لهم أن يؤمنوا لفساد استعدادهم وخذلان الله لهم وعلمه بأنهم يموتون على كفرهم ، واللام لتأكيد النفي . كذلك مثل ذلك الجزاء وهو إهلاكهم بسبب تكذيبهم للرسل وإصرارهم عليه بحيث تحقق أنه لا فائدة في إمهالهم نجزي القوم المجرمين نجزي كل مجرم أو نجزيكم فوضع المظهر موضع الضمير للدلالة على كمال جرمهم وأنهم أعلام فيه .
ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم استخلفناكم فيها بعد القرون التي أهلكناها استخلاف من يختبر . لننظر كيف تعملون أتعملون خيرا أو شرا فنعاملكم على مقتضى أعمالكم ، وكيف معمول تعملون فإن معنى الاستفهام يحجب أن يعمل فيه ما قبله ، وفائدته الدلالة على أن المعتبر في الجزاء جهات الأفعال وكيفياتها لا هي من حيث ذاتها ولذلك يحسن الفعل تارة ويقبح أخرى .