إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون
إنما مثل الحياة الدنيا حالها العجيبة في سرعة تقضيها وذهاب نعيمها بعد إقبالها واغترار الناس بها .
كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فاشتبك بسببه حتى خالط بعضه بعضا . مما يأكل الناس والأنعام من الزروع والبقول والحشيش . حتى إذا أخذت الأرض زخرفها حسنها وبهجتها . وازينت تزينت بأصناف النبات وأشكالها وألوانها المختلفة كعروس أخذت من ألوان الثياب والزين فتزينت بها ، وازينت أصله تزينت فأدغم وقد قرئ على الأصل « وأزينت » على أفعلت من غير إعلال كأغيلت ، والمعنى صارت ذات زينة « وازيانت » كابياضت . وظن أهلها أنهم قادرون عليها متمكنون من حصدها ورفع غلتها .
أتاها أمرنا ضرب زرعها ما يجتاحه . ليلا أو نهارا فجعلناها فجعلنا زرعها . حصيدا شبيها بما حصد من أصله . كأن لم تغن كأن لم يغن زرعها أي لم يلبث ، والمضاف محذوف في الموضعين للمبالغة وقرئ بالياء على الأصل . بالأمس فيما قبيله وهو مثل في الوقت القريب والممثل به مضمون الحكاية وهو زوال خضرة النبات فجأة وذهابه حطاما بعد ما كان غضا والتف ، وزين الأرض حتى طمع فيه أهله وظنوا أنه قد سلم من الجوائح لا الماء وإن وليه حرف التشبيه لأنه من التشبيه المركب . كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون فإنهم المنتفعون به .