فلما رأى أيديهم لا تصل إليه لا يمدون إليه أيديهم . نكرهم وأوجس منهم خيفة أنكر ذلك منهم وخاف أن يريدوا به مكروها ، ونكر وأنكر واستنكر بمعنى والإيجاس الإدراك وقيل الإضمار قالوا له لما أحسوا منه أثر الخوف . لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط إنا ملائكة مرسلة إليهم بالعذاب ، وإنما لم نمد إليه أيدينا لأنا لا نأكل .
وامرأته قائمة وراء الستر تسمع محاورتهم أو على رؤوسهم للخدمة . فضحكت سرورا بزوال الخيفة أو بهلاك أهل الفساد أو بإصابة رأيها فإنها كانت تقول لإبراهيم : اضمم إليك لوطا فإني أعلم أن العذاب ينزل بهؤلاء القوم . وقيل فضحكت فحاضت قال الشاعر :
وعهدي بسلمى ضاحكا في لبابة . . . ولم يعد حقا ثديها أن تحلما
ومنه ضحكت السمرة إذا سال صمغها وقرئ بفتح الحاء . فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب نصبه ابن عامر وحمزة وحفص بفعل يفسره ما دل عليه الكلام وتقديره : ووهبناها من وراء إسحاق يعقوب . وقيل إنه معطوف على موضع بإسحاق أو على لفظ إسحاق ، وفتحته للجر فإنه غير مصروف ورد للفصل بينه وبين ما عطف عليه بالظرف . وقرأ الباقون بالرفع على أنه مبتدأ .وخبره الظرف أي و يعقوب مولود من بعده . وقيل الوراء ولد الولد ولعله سمي به لأنه بعد الولد وعلى هذا تكون إضافته إلى إسحاق ليس من حيث أن يعقوب عليه الصلاة والسلام وراءه ، بل من حيث إنه وراء إبراهيم من جهته وفيه نظر . والاسمان يحتمل وقوعهما في البشارة كيحيى ، ويحتمل وقوعهما في الحكاية بعد أن ولدا فسميا به ، وتوجيه البشارة إليها للدلالة على أن الولد المبشر به يكون منها لا من هاجر ولأنها كانت عقيمة حريصة على الولد .