فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد
فلما جاء أمرنا عذابنا أو أمرنا به ، ويؤيده الأصل وجعل التعذيب مسببا عنه بقوله : جعلنا عاليها سافلها فإنه جواب لما وكان حقه : جعلوا عاليها سافلها أي الملائكة المأمورون به ، فأسند إلى نفسه من حيث إنه المسبب تعظيما للأمر فإنه روي : (أن جبريل عليه السلام أدخل جناحه تحت مدائنهم ورفعها إلى السماء حتى سمع أهل السماء نباح الكلاب وصياح الديكة ثم قلبها عليهم) .
وأمطرنا عليها على المدن أو على شذاذها . حجارة من سجيل من طين متحجر لقوله : حجارة من طين وأصله سنك كل فعرب .
وقيل إنه من أسجله إذا أرسله أو أدر عطيته ، والمعنى من مثل الشيء المرسل أو من مثل العطية في الإدرار ، [ ص: 144 ] أو من السجل أي مما كتب الله أن يعذبهم به وقيل أصله من سجين أي من جهنم فأبدلت نونه لاما .
منضود نضد معدا لعذابهم ، أو نضد في الإرسال بتتابع بعضه بعضا كقطار الأمطار ، أو نضد بعضه على بعض وألصق به .
مسومة معلمة للعذاب . وقيل معلمة ببياض وحمرة . أو بسيما تتميز به عن حجارة الأرض ، أو باسم من يرمى بها . عند ربك في خزائنه . وما هي من الظالمين ببعيد فإنهم بظلمهم حقيق بأن تمطر عليهم ، وفيه وعيد لكل ظالم .
وعنه عليه الصلاة والسلام « أنه سأل جبريل عليه السلام فقال : يعني ظالمي أمتك ما من ظالم منهم إلا وهو بعرض حجر يسقط عليه من ساعة إلى ساعة » .
وقيل الضمير للقرى أي هي قريبة من ظالمي مكة يمرون بها في أسفارهم إلى الشام ، وتذكير البعيد على تأويل الحجر أو المكان .