قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم
[ ص: 163 ] قال رب السجن وقرأ بالفتح على المصدر . يعقوب أحب إلي مما يدعونني إليه أي آثر عندي من مؤاتاتها زنا نظرا إلى العاقبة وإن كان هذا مما تشتهيه النفس وذلك مما تكرهه ، وإسناد الدعوة إليهن جميعا لأنهن خوفنه من مخالفتها وزين له مطاوعتها . أو دعونه إلى أنفسهن ، وقيل إنما ابتلي بالسجن لقوله هذا وإنما كان الأولى به أن يسأل الله العافية ولذلك رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على من كان يسأل الصبر . وإلا تصرف عني وإن لم تصرف عني . كيدهن في تحبيب ذلك إلي وتحسينه عندي بالتثبيت على العصمة . أصب إليهن أمل إلى جانبهن أو إلى أنفسهن بطبعي ومقتضى شهوتي ، والصبوة الميل إلى الهوى ومنه الصبا لأن النفوس تستطيبها وتميل إليها . وقرئ أصب من الصبابة وهي الشوق . وأكن من الجاهلين من السفهاء بارتكاب ما يدعونني إليه فإن الحكيم لا يفعل القبيح ، أو من الذين لا يعملون بما يعلمون فإنهم والجهال سواء .
فاستجاب له ربه فأجاب الله دعاءه الذي تضمنه قوله : وإلا تصرف . فصرف عنه كيدهن فثبته بالعصمة حتى وطن نفسه على مشقة السجن وآثرها على اللذة المتضمنة للعصيان . إنه هو السميع لدعاء الملتجئين إليه . العليم بأحوالهم وما يصلحهم .