وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين
وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف لما دنا فرجه رأى الملك سبع بقرات سمان خرجن من نهر يابس وسبع بقرات مهازيل فابتلعت المهازيل السمان . وسبع سنبلات خضر قد انعقد حبها . وأخر يابسات وسبعا أخر يابسات قد أدركت فالتوت اليابسات على الخضر حتى غلبت عليها ، وإنما استغنى عن بيان حالها بما قص من حال البقرات ، وأجرى السمان على المميز دون المميز لأن التمييز بها ووصف السبع الثاني بالعجاف لتعذر التمييز بها مجردا عن الموصوف فإنه لبيان الجنس ، وقياسه عجف لأنه جمع عجفاء لكنه حمل على سمان لأنه نقيضه . يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي عبروها . إن كنتم للرؤيا تعبرون إن كنتم عالمين بعبارة الرؤيا وهي الانتقال من الصور الخيالية إلى المعاني النفسانية التي هي مثالها من العبور وهي المجاوزة ، وعبرت الرؤيا عبارة أثبت من عبرتها تعبيرا واللام للبيان أو لتقوية العامل فإن الفعل لما أخر عن مفعوله ضعف فقوي باللام كاسم الفاعل ، أو لتضمن تعبرون معنى فعل يعدى باللام كأنه قيل : إن كنتم تنتدبون لعبارة الرؤيا .
قالوا أضغاث أحلام أي هذه أضغاث أحلام وهي تخاليطها جمع ضغث وأصله ما جمع من أخلاط النبات وحزم فاستعير للرؤيا الكاذبة ، وإنما جمعوا للمبالغة في وصف الحلم بالبطلان كقولهم : فلان يركب الخيل ، أو لتضمنه أشياء مختلفة . وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين يريدون بالأحلام المنامات الباطلة خاصة أي ليس لها تأويل عندنا ، وإنما التأويل للمنامات الصادقة فهو كأنه مقدمة ثانية للعذر في جهلهم بتأويله .