nindex.php?page=treesubj&link=28973_28867_29785_32238_34225_34226nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2ذلك الكتاب ذلك إشارة إلى (الم) إن أول بالمؤلف من هذه الحروف أو فسر بالسورة أو القرآن فإنه لما تكلم به وتقضى، أو وصل من المرسل إلى المرسل إليه صار متباعدا أشير إليه بما يشار به إلى البعيد
[ ص: 36 ] وتذكيره، متى أريد ب (الم) السورة لتذكير الكتاب فإنه خبره أو صفته الذي هو هو، أو إلى الكتاب فيكون صفته والمراد به الكتاب الموعود إنزاله بنحو قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=5إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا . أو في الكتب المتقدمة. وهو مصدر سمي به المفعول للمبالغة.
وقيل فعال بمعنى المفعول كاللباس، ثم أطلق على المنظوم عبارة قبل أن يكتب لأنه مما يكتب. وأصل الكتب الجمع ومنه الكتيبة.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2لا ريب فيه معناه أنه لوضوحه وسطوع برهانه بحيث لا يرتاب العاقل بعد النظر الصحيح في كونه وحيا بالغا حد الإعجاز، لا أن أحدا لا يرتاب فيه، ألا ترى إلى قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=23وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا . الآية فإنه ما أبعد عنهم الريب بل عرفهم الطريق المريح له، وهو أن يجتهدوا في معارضة نجم من نجومه ويبذلوا فيها غاية جهدهم حتى إذا عجزوا عنها تحقق لهم أن ليس فيه مجال للشبهة ولا مدخل للريبة.
وقيل: معناه لا ريب فيه للمتقين. وهدى حال من الضمير المجرور، والعامل فيه الظرف الواقع صفة للمنفي. والريب في الأصل مصدر رابني الشيء إذا حصل فيك الريبة، وهي قلق النفس واضطرابها، سمي به الشك لأنه يقلق النفس ويزيل الطمأنينة.
وفي الحديث «
nindex.php?page=hadith&LINKID=664812دع ما يريبك إلى ما لا يريبك »
فإن الشك ريبة والصدق طمأنينة، ومنه ريب الزمان لنوائبه.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2هدى للمتقين يهديهم إلى الحق، والهدى في الأصل مصدر كالسرى والتقى ومعناه الدلالة.
وقيل: الدلالة الموصلة إلى البغية لأنه جعل مقابل الضلالة في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=24وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين ولأنه لا يقال مهدي إلا لمن اهتدى إلى المطلوب. واختصاصه بالمتقين لأنهم المهتدون به والمنتفعون بنصه، وإن كانت دلالته عامة لكل ناظر من مسلم أو كافر وبهذا الاعتبار قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=4هدى للناس . أو لأنه لا ينتفع بالتأمل فيه إلا من صقل العقل واستعمله في تدبر الآيات والنظر في المعجزات، وتعرف النبوات، لأنه كالغذاء الصالح لحفظ الصحة فإنه لا يجلب نفعا ما لم تكن الصحة حاصلة، وإليه أشار بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=82وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا . ولا يقدح ما فيه من المجمل والمتشابه في كونه هدى لما لم ينفك عن بيان يعين المراد منه.
والمتقي اسم فاعل من قولهم وقاه فاتقى. والوقاية: فرط الصيانة. وهو في عرف الشرع اسم لمن يقي نفسه مما يضره في الآخرة، وله ثلاث مراتب:
الأولى: التوقي من العذاب المخلد بالتبري من الشرك وعليه قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=26وألزمهم كلمة التقوى .
الثانية: التجنب عن كل ما يؤثم من فعل أو ترك حتى الصغائر عند قوم وهو المتعارف باسم التقوى في الشرع، وهو المعني بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=96ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا .
الثالثة: أن يتنزه عما يشغل سره عن الحق ويتبتل إليه بشراشره وهو التقوى الحقيقي المطلوب بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=102يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته وقد فسر قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2هدى للمتقين هاهنا على الأوجه الثلاثة.
واعلم أن الآية تحتمل أوجها من الإعراب: أن يكون (الم) مبتدأ على أنه اسم للقرآن. أو السورة. أو مقدر بالمؤلف منها، وذلك خبره وإن كان أخص من المؤلف مطلقا، والأصل أن الأخص لا يحمل على الأعم لأن المراد به المؤلف الكامل في تأليفه البالغ أقصى درجات الفصاحة ومراتب البلاغة، والكتاب صفة ذلك.
وأن يكون (الم) خبر مبتدأ محذوف و (ذلك) خبرا ثانيا أو بدلا و
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2الكتاب صفته، و
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2لا ريب في المشهورة مبني لتضمنه معنى من منصوب المحل على أنه اسم لا النافية للجنس العاملة عمل إن، لأنها
[ ص: 37 ] نقيضتها ولازمة للأسماء لزومها. وفي قراءة أبي الشعثاء مرفوع بلا التي بمعنى ليس وفيه خبره ولم يقدم كما قدم في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=47لا فيها غول لأنه لم يقصد تخصيص نفي الريب به من بين سائر الكتب كما قصد ثمة، أو صفته و
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2للمتقين خبره. وهدى نصب على الحال، أو الخبر محذوف كما في لا ضير، فلذلك وقف على
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2لا ريب ، على أن فيه خبر هدى قدم عليه لتنكيره والتقدير: لا ريب فيه، فيه هدى، وأن يكون ذلك مبتدأ و
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2الكتاب خبره على معنى: أنه الكتاب الكامل الذي يستأهل أن يسمى كتابا، أو صفته وما بعده خبره والجملة خبر
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=1الم .
والأولى أن يقال إنها أربع جمل متناسقة تقرر اللاحقة منها السابقة ولذلك لم يدخل العاطف بينها. ف
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=1الم ، جملة دلت على أن المتحدى به هو المؤلف من جنس ما يركبون منه كلامهم، و
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2ذلك الكتاب جملة ثانية مقررة لجهة التحدي، و
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2لا ريب فيه ، جملة ثالثة تشهد على كماله بأن الكتاب المنعوت بغاية الكمال إذ لا كمال أعلى مما للحق واليقين. و
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2هدى للمتقين ، بما يقدر له مبتدأ جملة رابعة تؤكد كونه حقا لا يحوم الشك حوله بأنه
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2هدى للمتقين ، أو تستتبع السابقة منها اللاحقة استتباع الدليل للمدلول، وبيانه أنه لما نبه أولا على إعجاز المتحدى به من حيث إنه من جنس كلامهم وقد عجزوا عن معارضته، استنتج منه أنه الكتاب البالغ حد الكمال واستلزم ذلك أن لا يتشبث الريب بأطرافه إذ لا أنقص مما يعتريه الشك والشبهة، وما كان كذلك كان لا محالة
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2هدى للمتقين ، وفي كل واحدة منها نكتة ذات جزالة ففي الأولى الحذف والرمز إلى المقصود مع التعليل، وفي الثانية فخامة التعريف، وفي الثالثة تأخير الظرف حذرا عن إبهام الباطل، وفي الرابعة الحذف والتوصيف بالمصدر للمبالغة وإيراده منكرا للتعظيم، وتخصيص الهدى بالمتقين باعتبار الغاية تسمية المشارف للتقوى متقيا إيجازا وتفخيما لشأنه.
nindex.php?page=treesubj&link=28973_28867_29785_32238_34225_34226nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2ذَلِكَ الْكِتَابُ ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى (الم) إِنْ أُوِّلَ بِالْمُؤَلَّفِ مِنْ هَذِهِ الْحُرُوفِ أَوْ فُسِّرَ بِالسُّورَةِ أَوِ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ لِمَا تُكُلِّمَ بِهِ وَتُقْضَى، أَوْ وَصَلَ مِنَ الْمُرْسِلِ إِلَى الْمُرْسَلِ إِلَيْهِ صَارَ مُتَبَاعِدًا أُشِيرَ إِلَيْهِ بِمَا يُشَارُ بِهِ إِلَى الْبَعِيدِ
[ ص: 36 ] وَتَذْكِيرِهِ، مَتَى أُرِيدَ بِ (الم) السُّورَةُ لِتَذْكِيرِ الْكِتَابِ فَإِنَّهُ خَبَرُهُ أَوْ صِفَتُهُ الَّذِي هُوَ هُوَ، أَوْ إِلَى الْكِتَابِ فَيَكُونُ صِفَتَهُ وَالْمُرَادُ بِهِ الْكِتَابُ الْمَوْعُودُ إِنْزَالُهُ بِنَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=5إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلا . أَوْ فِي الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ. وَهُوَ مَصْدَرٌ سُمِّي بِهِ الْمَفْعُولُ لِلْمُبَالَغَةِ.
وَقِيلَ فِعَالٌ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ كَاللِّبَاسِ، ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى الْمَنْظُومِ عِبَارَةٌ قَبْلَ أَنْ يُكْتَبَ لِأَنَّهُ مِمَّا يَكْتَبُ. وَأَصْلُ الْكُتُبِ الْجَمْعُ وَمِنْهُ الْكَتِيبَةُ.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2لا رَيْبَ فِيهِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لِوُضُوحِهِ وَسُطُوعِ بُرْهَانِهِ بِحَيْثُ لَا يَرْتَابُ الْعَاقِلُ بَعْدَ النَّظَرِ الصَّحِيحِ فِي كَوْنِهِ وَحْيًا بَالِغًا حَدَّ الْإِعْجَازِ، لَا أَنَّ أَحَدًا لَا يَرْتَابُ فِيهِ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=23وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا . الْآيَةَ فَإِنَّهُ مَا أَبْعَدَ عَنْهُمُ الرَّيْبَ بَلْ عَرَّفَهُمُ الطَّرِيقَ الْمُرِيحَ لَهُ، وَهُوَ أَنْ يَجْتَهِدُوا فِي مُعَارَضَةِ نَجْمٍ مِنْ نُجُومِهِ وَيَبْذُلُوا فِيهَا غَايَةَ جُهْدِهِمْ حَتَّى إِذَا عَجَزُوا عَنْهَا تَحَقَّقَ لَهُمْ أَنْ لَيْسَ فِيهِ مَجَالٌ لِلشُّبْهَةِ وَلَا مَدْخَلٌ لِلرِّيبَةِ.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا رَيْبَ فِيهِ لِلْمُتَّقِينَ. وَهُدًى حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ، وَالْعَامِلُ فِيهِ الظَّرْفُ الْوَاقِعُ صِفَةً لِلْمَنْفِيِّ. وَالرَّيْبُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ رَابَنِي الشَّيْءُ إِذَا حَصَّلَ فِيكَ الرِّيبَةَ، وَهِيَ قَلَقُ النَّفْسِ وَاضْطِرَابُهَا، سُمِّيَ بِهِ الشَّكُّ لِأَنَّهُ يُقْلِقُ النَّفْسَ وَيُزِيلُ الطُّمَأْنِينَةَ.
وَفِي الْحَدِيثِ «
nindex.php?page=hadith&LINKID=664812دَعْ مَا يُرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يُرِيبُكَ »
فَإِنَّ الشَّكَّ رِيبَةٌ وَالصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ، وَمِنْهُ رَيْبُ الزَّمَانِ لِنَوَائِبِهِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2هُدًى لِلْمُتَّقِينَ يَهْدِيهِمْ إِلَى الْحَقِّ، وَالْهُدَى فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ كَالسُّرَى وَالتُّقَى وَمَعْنَاهُ الدَّلَالَةُ.
وَقِيلَ: الدَّلَالَةُ الْمُوصِلَةُ إِلَى الْبُغْيَةِ لِأَنَّهُ جُعِلَ مُقَابِلَ الضَّلَالَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=24وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ وَلِأَنَّهُ لَا يُقَالُ مَهْدِيٌّ إِلَّا لِمَنِ اهْتَدَى إِلَى الْمَطْلُوبِ. وَاخْتِصَاصُهُ بِالْمُتَّقِينَ لِأَنَّهُمُ الْمُهْتَدُونَ بِهِ وَالْمُنْتَفِعُونَ بِنَصِّهِ، وَإِنْ كَانَتْ دَلَالَتُهُ عَامَّةً لِكُلِّ نَاظِرٍ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=4هُدًى لِلنَّاسِ . أَوْ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِالتَّأَمُّلِ فِيهِ إِلَّا مِنْ صَقَلَ الْعَقْلَ وَاسْتَعْمَلَهُ فِي تَدَبُّرِ الْآيَاتِ وَالنَّظَرِ فِي الْمُعْجِزَاتِ، وَتَعَرُّفِ النُّبُوَّاتِ، لِأَنَّهُ كَالْغِذَاءِ الصَّالِحِ لِحِفْظِ الصِّحَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَجْلِبُ نَفْعًا مَا لَمْ تَكُنِ الصِّحَّةُ حَاصِلَةً، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=82وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا . وَلَا يَقْدَحُ مَا فِيهِ مِنَ الْمُجْمَلِ وَالْمُتَشَابِهِ فِي كَوْنِهِ هُدًى لِمَا لَمْ يَنْفَكَّ عَنْ بَيَانٍ يُعَيِّنُ الْمُرَادُ مِنْهُ.
وَالْمُتَّقِي اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ قَوْلِهِمْ وَقَاهُ فَاتَّقَى. وَالْوِقَايَةُ: فَرْطُ الصِّيَانَةِ. وَهُوَ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ اسْمٌ لِمَنْ يَقِي نَفْسَهُ مِمَّا يَضُرُّهُ فِي الْآخِرَةِ، وَلَهُ ثَلَاثُ مَرَاتِبَ:
الْأُولَى: التَّوَقِّي مِنَ الْعَذَابِ الْمُخَلَّدِ بِالتَّبَرِّي مِنَ الشِّرْكِ وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=26وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى .
الثَّانِيَةُ: التَّجَنُّبُ عَنْ كُلِّ مَا يُؤْثِمُ مِنْ فِعْلٍ أَوْ تَرْكٍ حَتَّى الصَّغَائِرِ عِنْدَ قَوْمٍ وَهُوَ الْمُتَعَارَفُ بِاسْمِ التَّقْوَى فِي الشَّرْعِ، وَهُوَ الْمَعْنِيُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=96وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا .
الثَّالِثَةُ: أَنْ يَتَنَزَّهَ عَمَّا يَشْغَلُ سِرَّهُ عَنِ الْحَقِّ وَيَتَبَتَّلُ إِلَيْهِ بِشَرَاشِرَهُ وَهُوَ التَّقْوَى الْحَقِيقِيُّ الْمَطْلُوبُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=102يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَقَدْ فَسَّرَ قَوْلَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2هُدًى لِلْمُتَّقِينَ هَاهُنَا عَلَى الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْآيَةَ تَحْتَمِلُ أَوْجُهًا مِنَ الْإِعْرَابِ: أَنْ يَكُونَ (الم) مُبْتَدَأً عَلَى أَنَّهُ اسْمٌ لِلْقُرْآنِ. أَوِ السُّورَةِ. أَوْ مُقَدَّرٌ بِالْمُؤَلَّفِ مِنْهَا، وَذَلِكَ خَبَرُهُ وَإِنْ كَانَ أَخَصَّ مِنَ الْمُؤَلَّفِ مُطْلَقًا، وَالْأَصْلُ أَنَّ الْأَخَصَّ لَا يُحْمَلُ عَلَى الْأَعَمِّ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمُؤَلَّفُ الْكَامِلُ فِي تَأْلِيفِهِ الْبَالِغِ أَقْصَى دَرَجَاتِ الْفَصَاحَةِ وَمَرَاتِبِ الْبَلَاغَةِ، وَالْكِتَابُ صِفَةُ ذَلِكَ.
وَأَنْ يَكُونَ (الم) خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَ (ذَلِكَ) خَبَرًا ثَانِيًا أَوْ بَدَلًا وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2الْكِتَابُ صِفَتُهُ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2لا رَيْبَ فِي الْمَشْهُورَةِ مَبْنِيٌّ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى مِنْ مَنْصُوبِ الْمَحَلِّ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ لَا النَّافِيَةِ لِلْجِنْسِ الْعَامِلَةِ عَمَلَ إِنَّ، لِأَنَّهَا
[ ص: 37 ] نَقِيضَتُهَا وَلَازِمَةٌ لِلْأَسْمَاءِ لُزُومَهَا. وَفِي قِرَاءَةِ أَبِي الشَّعْثَاءِ مَرْفُوعٌ بِلَا الَّتِي بِمَعْنَى لَيْسَ وَفِيهِ خَبَرُهُ وَلَمْ يُقَدَّمْ كَمَا قُدِّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=47لا فِيهَا غَوْلٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ تَخْصِيصَ نَفْيِ الرَّيْبِ بِهِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْكُتُبِ كَمَا قُصِدَ ثَمَّةَ، أَوْ صِفَتُهُ وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2لِلْمُتَّقِينَ خَبَرُهُ. وَهُدًى نُصِبَ عَلَى الْحَالِ، أَوِ الْخَبَرُ مَحْذُوفٌ كَمَا فِي لَا ضَيْرَ، فَلِذَلِكَ وَقَفَ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2لا رَيْبَ ، عَلَى أَنَّ فِيهِ خَبَرَ هُدًى قُدِّمَ عَلَيْهِ لِتَنْكِيرِهِ وَالتَّقْدِيرُ: لَا رَيْبَ فِيهِ، فِيهِ هُدًى، وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُبْتَدَأً وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2الْكِتَابُ خَبَرُهُ عَلَى مَعْنَى: أَنَّهُ الْكِتَابُ الْكَامِلُ الَّذِي يَسْتَأْهِلُ أَنْ يُسَمَّى كِتَابًا، أَوْ صِفَتُهُ وَمَا بَعْدَهُ خَبَرُهُ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=1الم .
وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إِنَّهَا أَرْبَعُ جُمَلٍ مُتَنَاسِقَةٍ تَقَرِّرُ اللَّاحِقَةُ مِنْهَا السَّابِقَةَ وَلِذَلِكَ لَمْ يَدْخُلِ الْعَاطِفُ بَيْنَهَا. فَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=1الم ، جُمْلَةٌ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْمُتَحَدَّى بِهِ هُوَ الْمُؤَلَّفُ مِنْ جِنْسِ مَا يُرَكِّبُونَ مِنْهُ كَلَامَهُمْ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2ذَلِكَ الْكِتَابُ جُمْلَةٌ ثَانِيَةٌ مُقَرِّرَةٌ لِجِهَةِ التَّحَدِّي، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2لا رَيْبَ فِيهِ ، جُمْلَةٌ ثَالِثَةٌ تَشْهَدُ عَلَى كَمَالِهِ بِأَنَّ الْكِتَابَ الْمَنْعُوتَ بِغَايَةِ الْكَمَالِ إِذْ لَا كَمَالَ أَعْلَى مِمَّا لِلْحَقِّ وَالْيَقِينِ. وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ، بِمَا يُقَدَّرُ لَهُ مُبْتَدَأُ جُمْلَةٍ رَابِعَةٍ تُؤَكِّدُ كَوْنَهُ حَقًّا لَا يَحُومُ الشَّكُّ حَوْلَهُ بِأَنَّهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ، أَوْ تَسْتَتْبِعُ السَّابِقَةُ مِنْهَا اللَّاحِقَةَ اسْتِتْبَاعَ الدَّلِيلِ لِلْمَدْلُولِ، وَبَيَانُهُ أَنَّهُ لَمَّا نُبِّهَ أَوَّلًا عَلَى إِعْجَازِ الْمُتَحَدَّى بِهِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ مِنْ جِنْسِ كَلَامِهِمْ وَقَدْ عَجَزُوا عَنْ مُعَارَضَتِهِ، اسْتُنْتِجَ مِنْهُ أَنَّهُ الْكِتَابُ الْبَالِغُ حَدَّ الْكَمَالِ وَاسْتَلْزَمَ ذَلِكَ أَنْ لَا يَتَشَبَّثَ الرَّيْبُ بِأَطْرَافِهِ إِذْ لَا أَنْقَصَ مِمَّا يَعْتَرِيهِ الشَّكُّ وَالشُّبْهَةُ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ لَا مَحَالَةَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ، وَفِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا نُكْتَةٌ ذَاتُ جَزَالَةٍ فَفِي الْأُولَى الْحَذْفُ وَالرَّمْزُ إِلَى الْمَقْصُودِ مَعَ التَّعْلِيلِ، وَفِي الثَّانِيَةِ فَخَامَةُ التَّعْرِيفِ، وَفِي الثَّالِثَةِ تَأْخِيرُ الظَّرْفِ حَذَرًا عَنْ إِبْهَامِ الْبَاطِلِ، وَفِي الرَّابِعَةِ الْحَذْفُ وَالتَّوْصِيفُ بِالْمَصْدَرِ لِلْمُبَالَغَةِ وَإِيرَادُهُ مُنْكَرًا لِلتَّعْظِيمِ، وَتَخْصِيصُ الْهُدَى بِالْمُتَّقِينَ بِاعْتِبَارِ الْغَايَةِ تَسْمِيَةَ الْمَشَارِفِ لِلتَّقْوَى مُتَّقِيًا إِيجَازًا وَتَفْخِيمًا لِشَأْنِهِ.