وترى المجرمين يومئذ مقرنين قرن بعضهم مع بعض بحسب مشاركتهم في العقائد والأعمال كقوله : وإذا النفوس زوجت أو قرنوا مع الشياطين أو مع ما اكتسبوا من العقائد الزائغة والملكات الباطلة ، أو قرنت أيديهم وأرجلهم إلى رقابهم بالأغلال ، وهو يحتمل أن يكون تمثيلا لمؤاخذتهم على ما اقترفته أيديهم وأرجلهم . في الأصفاد متعلق بـ مقرنين أو حال من ضميره ، والصفد القيد . وقيل الغل قال سلامة بن جندل :
وزيد الخيل قد لاقى صفادا . . . يعض بساعد وبعظم ساق
وأصله الشد .
سرابيلهم قمصانهم . من قطران وجاء قطران لغتين فيه ، وهو ما يتحلب من الأبهل فيطبخ فتهنأ به الإبل الجربى فيحرق الجرب بحدته ، وهو أسود منتن تشتعل فيه النار بسرعة تطلى به جلود أهل النار حتى يكون طلاؤه لهم كالقمص ، ليجتمع عليهم لذع القطران ووحشة لونه ونتن ريحه مع إسراع النار في جلودهم ، على أن التفاوت بين القطرانين كالتفاوت بين النارين ، ويحتمل أن يكون تمثيلا لما يحيط بجوهر النفس من الملكات الرديئة والهيئات الوحشية فيجلب إليها أنواعا من الغموم والآلام ، وعن يعقوب قطران والقطر النحاس أو الصفر المذاب والآني المتناهي حره ، والجملة حال ثانية أو حال من الضمير في مقرنين .
وتغشى وجوههم النار وتتغشاها لأنهم لم يتوجهوا بها إلى الحق ولم يستعملوا في تدبره مشاعرهم وحواسهم التي خلقت فيها لأجله ، كما تطلع على أفئدتهم لأنها فارغة عن المعرفة مملوءة بالجهالات ونظيره قوله تعالى : أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة وقوله تعالى : يوم يسحبون في النار على وجوههم .