الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        وما تلك بيمينك يا موسى قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى

                                                                                                                                                                                                                                        ( وما تلك ) استفهام يتضمن استيقاظا لما يريه فيها من العجائب . ( بيمينك ) حال من معنى الإشارة ، وقيل صلة ( تلك ) . ( يا موسى ) تكرير لزيادة الاستئناس والتنبيه .

                                                                                                                                                                                                                                        ( قال هي عصاي ) وقرئ «عصي » على لغة هذيل . ( أتوكأ عليها ) أعتمد عليها إذا أعييت أو وقفت على رأس القطيع . ( وأهش بها على غنمي ) وأخبط الورق بها على رؤوس غنمي ، وقرئ «أهش » وكلاهما من هش الخبز يهش إذا انكسر لهشاشته ، وقرئ بالسين من الهس وهو زجر الغنم أي أنحى عليها زاجرا لها .

                                                                                                                                                                                                                                        ( ولي فيها مآرب أخرى ) حاجات أخر مثل أن كان إذا سار ألقاها على عاتقه فعلق بها أدواته ، وعرض الزندين على شعبتيها وألقى عليها الكساء واستظل به ، وإذا قصر الرشاء وصله بها ، وإذا تعرضت السباع لغنمه قاتل بها ، وكأنه صلى الله عليه وسلم فهم أن المقصود من السؤال أن يذكر حقيقتها وما يرى من منافعها ، حتى إذا رآها بعد ذلك على خلاف تلك الحقيقة ووجد منها خصائص أخرى خارقة للعادة مثل أن تشتعل شعبتاه بالليل كالشمع ، وتصيران دلوا عند الاستقاء ، وتطول بطول البئر وتحارب عنه إذا ظهر عدو ، وينبع الماء بركزها ، وينضب بنزعها وتورق وتثمر إذا اشتهى ثمرة فركزها ، على أن ذلك آيات باهرة ومعجزات قاهرة أحدثها الله فيها لأجله وليست من خواصها ، فذكر حقيقتها ومنافعها مفصلا ومجملا على معنى أنها من جنس العصي تنفع منافع أمثالها ليطابق جوابه الغرض الذي فهمه .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية