قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى
( قال اهبطا منها جميعا ) الخطاب لآدم وحواء ، أو له ولإبليس ولما كانا أصلي الذرية خاطبهما مخاطبتهم فقال : ( بعضكم لبعض عدو ) لأمر المعاش كما عليه الناس من التجاذب والتحارب ، أو لاختلال حال كل من النوعين بواسطة الآخر ويؤيد الأول قوله : ( فإما يأتينكم مني هدى ) كتاب ورسول . ( فمن اتبع هداي فلا يضل ) في الدنيا . ( ولا يشقى ) في الآخرة .
( ومن أعرض عن ذكري ) عن الهدى الذاكر لي والداعي إلى عبادتي . ( فإن له معيشة ضنكا ) ضيقا مصدر وصف به ولذلك يستوي فيه المذكر والمؤنث ، وقرئ «ضنكى » كسكرى ، وذلك لأن مجامع همته ومطامح نظره تكون إلى أعراض الدنيا متهالكا على ازديادها خائفا على انتقاصها ، بخلاف المؤمن الطالب للآخرة مع أنه تعالى قد يضيق بشؤم الكفر ويوسع ببركة الإيمان كما قال ( وضربت عليهم الذلة والمسكنة ) ( ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل ) ( ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا ) الآيات ، وقيل هو الضريع والزقوم في النار ، وقيل عذاب القبر ونحشره) قرئ بسكون الهاء على لفظ الوقف وبالجزم عطفا على محل ( فإن له [ ص: 42 ] معيشة ضنكا ) لأنه جواب الشرط . ( يوم القيامة أعمى ) أعمى البصر أو القلب ويؤيد الأول :