وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا
( وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن ) أي أنزل عليه كخبر بمعنى أخبر لئلا يناقض قوله : ( جملة واحدة ) دفعة واحدة كالكتب الثلاثة ، وهو اعتراض لا طائل تحته لأن الإعجاز لا يختلف بنزوله جملة أو مفرقا مع أن للتفريق فوائد منها ما أشار إليه بقوله : ( كذلك لنثبت به فؤادك ) أي كذلك أنزلناه مفرقا لنقوي بتفريقه فؤادك على حفظه وفهمه ، لأن حاله يخالف حال موسى وداود وعيسى حيث كان عليه الصلاة والسلام أميا وكانوا يكتبون ، فلو ألقي عليه جملة لعيل بحفظه ، ولعله لم يستتب له فإن التلقف لا يتأتى إلا شيئا فشيئا ، ولأن نزوله بحسب الوقائع يوجب مزيد بصيرة وغوصا في المعنى ، ولأنه إذا نزل منجما وهو يتحدى بكل نجم فيعجزون عن معارضته زاد ذلك قوة قلبه ، ولأنه إذا نزل به جبريل حالا بعد حال يثبت به فؤاده ومنها معرفة الناسخ والمنسوخ ومنها انضمام القرائن الحالية إلى الدلالات اللفظية ، فإنه يعين على البلاغة ، وكذلك صفة مصدر محذوف والإشارة إلى إنزاله مفرقا فإنه مدلول عليه بقوله ( لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة ) ويحتمل أن يكون من تمام كلام الكفرة ولذلك وقف عليه فيكون حالا والإشارة إلى الكتب السابقة ، واللام على الوجهين متعلق بمحذوف . ( ورتلناه ترتيلا ) وقرأناه عليك شيئا بعد شيء على تؤدة وتمهل في عشرين سنة أو ثلاث وعشرين وأصل الترتيل في الأسنان وهو تفليجها .
[ ص: 124 ]