وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد أفترى على الله كذبا أم به جنة بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد
( وقال الذين كفروا ) قال بعضهم لبعض . ( هل ندلكم على رجل ) يعنون محمدا عليه الصلاة والسلام .
( ينبئكم ) يحدثكم بأعجب الأعاجيب . ( إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد ) إنكم تنشؤون خلقا جديدا بعد أن تمزق أجسادكم كل تمزيق وتفريق بحيث تصير ترابا ، وتقديم الظرف للدلالة على البعد والمبالغة فيه ، وعامله محذوف دل عليه ما بعده فإن ما قبله لم يقارنه وما بعده مضاف إليه ، أو محجوب بينه وبينه بأن ( وممزق ) يحتمل أن يكون مكانا بمعنى إذا مزقتم وذهبت بكم السيول كل مذهب وطرحتم كل مطرح و ( جديد ) بمعنى فاعل من جد كحديد من حد ، وقيل بمعنى مفعول من جد النساج الثوب إذا قطعه .
( أفترى على الله كذبا أم به جنة ) جنون يوهمه ذلك ويلقيه على لسانه ، واستدل بجعلهم إياه قسيم الافتراء غير معتقدين صدقه على أن بين الصدق والكذب واسطة ، وهو كل خبر لا يكون عن بصيرة بالمخبر عنه وضعفه بين لأن الافتراء أخص من الكذب . ( بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد ) رد من الله تعالى عليهم ترديدهم وإثبات لهم ما هو أفظع من القسمين ، وهو الضلال البعيد عن الصواب بحيث لا يرجى الخلاص منه وما هو مؤداه من العذاب ، وجعله رسيلا له في الوقوع ومقدما عليه في اللفظ للمبالغة في استحقاقهم له ، والبعد في الأصل صفة الضال ووصف الضلال به على الإسناد المجازي .