ولقد آتينا داود منا فضلا يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد أن اعمل سابغات وقدر في السرد واعملوا صالحا إني بما تعملون بصير
( ولقد آتينا داود منا فضلا ) أي على سائر الأنبياء وهو ما ذكر بعد ، أو على سائر الناس فيندرج فيه النبوة والكتاب والملك والصوت الحسن . ( يا جبال أوبي معه ) رجعي معه التسبيح أو النوحة على الذنب ، وذلك إما بخلق صوت مثل صوته فيها أو بحملها إياه على التسبيح إذا تأمل ما فيها ، أو سيري معه حيث سار . وقرئ «أوبي » من الأوب أي ارجعي في التسبيح كلما رجع فيه ، وهو بدل من ( فضلا ) أو من ( آتينا ) بإضمار قولنا أو قلنا . ( والطير ) عطف على محل الجبال ويؤيده القراءة بالرفع عطفا على لفظها تشبيها للحركة البنائية العارضة بالحركة الإعرابية أو على ( فضلا ) ، أو مفعول معه لـ ( أوبي ) وعلى هذا يجوز أن يكون الرفع بالعطف على ضميره وكان الأصل : ولقد آتينا داود منا فضلا تأويب الجبال والطير ، فبدل بهذا النظم لما فيه من الفخامة والدلالة على عظم شأنه وكبرياء سلطانه ، حيث جعل الجبال والطيور كالعقلاء المنقادين لأمره في نفاذ مشيئته فيها . ( وألنا له الحديد ) جعلناه في يده كالشمع يصرفه كيف يشاء من غير إحماء وطرق بآلاته أو بقوته .
( أن اعمل ) أمرناه أن اعمل فـ ( أن ) مفسرة أو مصدرية . ( سابغات ) دروعا واسعات ، وقرئ «صابغات » وهو . ( أول من اتخذها وقدر في السرد ) وقدر في نسجها بحيث يتناسب حلقها ، أو قدر مساميرها فلا تجعلها دقاقا فتقلق ولا غلاظا فتنخرق .
ورد بأن دروعه لم تكن مسمرة ويؤيده قوله : ( وألنا له الحديد ) .
( واعملوا صالحا ) الضمير فيه لداود وأهله . ( إني بما تعملون بصير ) فأجازيكم عليه .