فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور
[ ص: 245 ]
( فأعرضوا ) عن الشكر . ( فأرسلنا عليهم سيل العرم ) سيل الأمر العرم أي الصعب من عرم الرجل فهو عارم ، وعرم إذا شرس خلقه وصعب ، أو المطر الشديد أو الجرذ ، أضاف إليه الـ ( سيل ) لأنه نقب عليهم سكرا ضربته لهم بلقيس فحقنت به ماء الشجر وتركت فيه ثقبا على مقدار ما يحتاجون إليه ، أو المسناة التي عقدت سكرا على أنه جمع عرمة وهي الحجارة المركومة ، وقيل اسم واد جاء السيل من قبله وكان ذلك بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام . ( وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط ) ثمر بشع فإن الخمط كل نبت أخذ طعما من مرارة ، وقيل الأراك أو كل شجر لا شوك له ، والتقدير أكل أكل خمط فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه في كونه بدلا ، أو عطف بيان . ( وأثل وشيء من سدر قليل ) معطوفان على ( أكل ) لا على ( خمط ) ، فإن الأثل هو الطرفاء ولا ثمر له ، وقرئا بالنصب عطفا على ( جنتين ) ووصف السدر بالقلة فإن جناه وهو النبق مما يطيب أكله ولذلك يغرس في البساتين ، وتسمية البدل ( جنتين ) للمشاكلة والتهكم . وقرأ «ذواتي أكل » بغير تنوين اللام وقرأ الحرميان بتخفيف ( أكل ) . أبو عمرو
( ذلك جزيناهم بما كفروا ) بكفرانهم النعمة أو بكفرهم بالرسل ، إذ روي أنه بعث إليهم ثلاثة عشر نبيا فكذبوهم ، وتقديم المفعول للتعظيم لا للتخصيص . ( وهل يجازى إلا الكفور ) وهل يجازى بمثل ما فعلنا بهم إلا البليغ في الكفران أو الكفر . وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب وحفص ( نجازي ) بالنون و ( الكفور ) بالنصب .