يا أيها الناس اذكروا نعمت الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو فأنى تؤفكون وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك وإلى الله ترجع الأمور
( يا أيها الناس اذكروا نعمت الله عليكم ) احفظوها بمعرفة حقها والاعتراف بها وطاعة موليها ، ثم أنكر أن يكون لغيره في ذلك مدخل فيستحق أن يشرك به بقوله : ( هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض [ ص: 254 ] لا إله إلا هو فأنى تؤفكون ) فمن أي وجه تصرفون عن التوحيد إلى إشراك غيره به ، ورفع ( غير ) للحمل على محل ( من خالق ) بأنه وصف أو بدل ، فإن الاستفهام بمعنى النفي ، أو لأنه فاعل ( خالق ) وجره حمزة حملا على لفظه ، وقد نصب على الاستثناء ، و ( يرزقكم ) صفة لـ ( خالق ) أو استئناف مفسر له أو كلام مبتدأ ، وعلى الأخير يكون إطلاق ( والكسائي هل من خالق ) مانعا من إطلاقه على غير الله .
( وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك ) أي فتأس بهم في الصبر على تكذيبهم ، فوضع ( فقد كذبت ) موضعه استغناء بالسبب عن المسبب ، وتنكير رسل للتعظيم المقتضي زيادة التسلية والحث على المصابرة .
( وإلى الله ترجع الأمور ) فيجازيك وإياهم على الصبر والتكذيب .