[ ص: 253 ] ( 35 سورة الملائكة مكية وآيها خمس وأربعون آية بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير
( الحمد لله فاطر السماوات والأرض ) مبدعهما من الفطر بمعنى الشق كأنه شق العدم بإخراجهما منه ، والإضافة محضة لأنه بمعنى الماضي . ( جاعل الملائكة رسلا ) وسائط بين الله وبين أنبيائه والصالحين من عباده ، يبلغون إليهم رسالاته بالوحي والإلهام والرؤيا الصادقة ، أو بينه وبين خلقه يوصلون إليهم آثار صنعه .
( أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع ) ذوي أجنحة متعددة متفاوتة بتفاوت ما لهم من المراتب ينزلون بها ويعرجون ، أو يسرعون بها نحو ما وكلهم الله عليه فيتصرفون فيه على أمرهم به ، ولعله لم يرد به خصوصية الأعداد ونفي ما زاد عليها ، لما روي جبريل ليلة المعراج وله ستمائة جناح ( أنه عليه الصلاة والسلام رأى يزيد في الخلق ما يشاء ) استئناف للدلالة على أن تفاوتهم في ذلك بمقتضى مشيئته ومؤدى حكمته لا أمر تستدعيه ذواتهم ، لأن اختلاف الأصناف والأنواع ، بالخواص والفصول إن كان لذواتهم المشتركة لزم تنافي لوازم الأمور المتفقة وهو محال ، والآية متناولة زيادات الصور والمعاني كملاحة الوجه وحسن الصوت وحصافة العقل وسماحة النفس . ( إن الله على كل شيء قدير ) وتخصيص بعض الأشياء بالتحصيل دون بعض ، إنما هو من جهة الإرادة .