أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم
( أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين ) تسلية ثانية بتهوين ما يقولونه بالنسبة إلى إنكارهم الحشر ، وفيه تقبيح بليغ لإنكاره حيث عجب منه وجعله إفراطا في الخصومة بينا ومنافاة لجحود القدرة على ما هو أهون مما عمله في بدء خلقه ، ومقابلة النعمة التي لا مزيد عليها وهي خلقه من أخس شيء وأمهنه شريفا مكرما بالعقوق والتكذيب .
روي «أن أبي بن خلف أتى النبي صلى الله عليه وسلم بعظم بال يفتته بيده وقال :
أترى الله يحيي هذا بعد ما رم ، فقال عليه الصلاة والسلام : نعم ويبعثك ويدخلك النار فنزلت .
وقيل معنى ( فإذا هو خصيم مبين ) فإذا هو بعد ما كان ماء مهينا مميز منطيق قادر على الخصام معرب عما في نفسه .
( وضرب لنا مثلا ) أمرا عجيبا وهو نفي القدرة على إحياء الموتى ، أو تشبيهه بخلقه بوصفه بالعجز عما عجزوا عنه . ( ونسي خلقه ) خلقنا إياه . ( قال من يحيي العظام وهي رميم ) منكرا إياه مستبعدا له ، والرميم ما بلي من العظام ، ولعله فعيل بمعنى فاعل من رم الشيء صار اسما بالغلبة ولذلك لم يؤنث ، أو بمعنى مفعول من رممته . وفيه دليل على أن العظم ذو حياة فيؤثر فيه الموت كسائر الأعضاء .