وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب
( وهل أتاك نبأ الخصم ) استفهام معناه التعجيب والتشويق إلى استماعه، والخصم في الأصل مصدر ولذلك أطلق على الجمع. ( إذ تسوروا المحراب ) إذ تصعدوا سور الغرفة، تفعل من السور كـ تسنم من السنام، وإذ متعلق بمحذوف أي نبأ تحاكم الخصم ( إذ تسوروا ) ، أو بالنبأ على أن المراد به الواقع في عهد داود عليه السلام، وأن إسناد أتى إليه على حذف مضاف أي قصة نبأ الخصم لما فيه من معنى الفعل لا بـأتى لأن إتيانه الرسول عليه الصلاة والسلام لم يكن حينئذ ( وإذ ) الثانية في ( إذ دخلوا على داود ) بدل من الأولى أو ظرف لـ ( تسوروا ) . ( ففزع منهم ) لأنهم نزلوا عليه من فوق في يوم الاحتجاب والحرس على الباب لا يتركون من يدخل عليه، فإنه عليه الصلاة والسلام كان جزأ زمانه: يوما للعبادة، ويوما للقضاء، ويوما للوعظ، ويوما للاشتغال بخاصته، فتسور عليه ملائكة على صورة الإنسان في يوم الخلوة. ( قالوا لا تخف خصمان ) نحن فوجان متخاصمان على تسمية مصاحب الخصم خصما. ( بغى بعضنا على بعض ) وهو على الفرض وقصد التعريض إن كانوا ملائكة وهو المشهور. ( فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط ) ولا تجر في الحكومة، وقرئ: «ولا تشطط» أي ولا تبعد عن الحق ولا تشطط ولا تشاط، والكل من معنى الشطط وهو مجاوزة الحد. ( واهدنا إلى سواء الصراط ) أي إلى وسطه وهو العدل.
( إن هذا أخي ) بالدين أو بالصحبة. ( له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة ) هي الأنثى من الضأن وقد يكنى بها عن المرأة، والكناية والتمثيل فيما يساق للتعريض أبلغ في المقصود، وقرئ: «تسع وتسعون» بفتح التاء ونعجة بكسر النون، وقرأ حفص بفتح ياء «لي نعجة » . ( فقال أكفلنيها ) ملكنيها وحقيقته اجعلني أكفلها كما أكفل ما تحت يدي، وقيل: اجعلها كفلي أي نصيبي. ( وعزني في الخطاب ) وغلبني في مخاطبته إياي محاجة بأن جاء بحجاج لم أقدر على رده، أو في مغالبته إياي في الخطبة يقال: خطبت المرأة وخطبها هو فخاطبني خطابا حيث زوجها دوني، وقرئ «وعازني» أي غالبني «وعزني» على تخفيف غريب.