الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد
الله نزل أحسن الحديث يعني القرآن، روي أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ملوا ملة فقالوا له حدثنا فنزلت.
وفي الابتداء باسم الله وبناء نزل عليه تأكيد للإسناد إليه وتفخيم للمنزل واستشهاد على حسنه. كتابا [ ص: 41 ] متشابها بدل من أحسن أو حال منه، وتشابهه تشابه أبعاضه في الإعجاز وتجاوب النظم وصحة المعنى والدلالة على المنافع العامة. مثاني جمع مثنى أو مثنى أو مثن على ما مر في «الحجر»، وصف به كتابا باعتبار تفاصيله كقولك: القرآن سور وآيات، والإنسان: عظام وعروق وأعصاب، أو جعل تمييزا من متشابها كقولك: رأيت رجلا حسنا شمائله. تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم تشمئز خوفا مما فيه من الوعيد، وهو مثل في شدة الخوف واقشعرار الجلد تقبضه وتركيبه من حروف القشع وهو الأديم اليابس بزيادة الراء ليصير رباعيا كتركيب أقمطر من القمط وهو الشد. ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله بالرحمة وعموم المغفرة، والإطلاق للإشعار بأن أصل أمره الرحمة وأن رحمته سبقت غضبه، والتعدية بـ إلى لتضمين معنى السكون والاطمئنان، وذكر القلوب لتقدم الخشية التي هي من عوارضها. ذلك أي الكتاب أو الكائن من الخشية والرجاء. هدى الله يهدي به من يشاء هدايته. ومن يضلل الله ومن يخذله. فما له من هاد يخرجهم من الضلال.