الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل له مقاليد السماوات والأرض والذين كفروا بآيات الله أولئك هم الخاسرون
الله خالق كل شيء من خير وشر وإيمان وكفر. وهو على كل شيء وكيل يتولى التصرف.
له مقاليد السماوات والأرض لا يملك أمرها ولا يتمكن من التصرف فيها غيره، وهو كناية عن قدرته وحفظه لها وفيها مزيد دلالة على الاختصاص، لأن الخزائن لا يدخلها ولا يتصرف فيها إلا من بيده مفاتيحها، وهو جمع مقليد أو مقلاد من قلدته إذا ألزمته، وقيل: جمع إقليد معرب إكليد على الشذوذ كمذاكير.
وعن رضي الله عنه: عثمان أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المقاليد فقال: «تفسيرها لا إله إلا الله والله أكبر، وسبحان الله وبحمده وأستغفر الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، هو الأول والآخر والظاهر والباطن، بيده الخير يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير» .
والمعنى على هذا أن لله هذه الكلمات يوحد بها ويمجد، وهي مفاتيح خير السماوات والأرض من تكلم بها أصابه. والذين كفروا بآيات الله أولئك هم الخاسرون متصل بقوله وينجي الله الذين اتقوا وما بينهما اعتراض للدلالة على أنه مهيمن على العباد مطلع على أفعالهم مجاز عليها، وتغيير [ ص: 48 ] النظم للإشعار بأن العمدة في فلاح المؤمنين فضل الله وفي هلاك الكافرين أن خسروا أنفسهم، وللتصريح بالوعد والتعريض بالوعيد قضية للكرم أو بما يليه، والمراد بآيات الله دلائل قدرته واستبداده بأمر السماوات والأرض، أو كلمات توحيده وتمجيده وتخصيص الخسار بهم لأن غيرهم ذو حظ من الرحمة والثواب.