وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته وليتق الله ربه ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليم
وإن كنتم على سفر أي مسافرين. ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة فالذي يستوثق به رهان، أو فعليكم رهان، أو فليؤخذ رهان. وليس هذا التعليق لاشتراط السفر في الارتهان كما ظنه مجاهد رحمهما الله تعالى لأنه عليه السلام رهن درعه في والضحاك المدينة من يهودي على عشرين صاعا من شعير أخذه لأهله، بل لإقامة التوثق للارتهان مقام التوثق بالكتابة في السفر الذي هو مظنة إعوازها. والجمهور على اعتبار غير القبض فيه مالك. وقرأ ابن كثير « فرهن » كسقف وكلاهما جمع رهن بمعنى مرهون: وقرئ بإسكان الهاء على التخفيف. وأبو عمرو فإن أمن بعضكم بعضا أي بعض الدائنين بعض المديونين واستغنى بأمانته عن الارتهان. فليؤد الذي اؤتمن أمانته أي دينه سماه أمانة لائتمانه عليه بترك الارتهان به. وقرئ « الذي ايتمن » بقلب الهمزة ياء، و « الذي أتمن » بإدغام الياء في التاء وهو خطأ لأن المنقلبة عن الهمزة في حكمها فلا تدغم. وليتق الله ربه في الخيانة وإنكار الحق وفيه مبالغات. ولا تكتموا الشهادة أيها الشهود، أو المدينون والشهادة شهادتهم على أنفسهم. ومن يكتمها فإنه آثم قلبه أي يأثم قلبه أو قلبه يأثم. والجملة خبر إن وإسناد الإثم إلى القلب لأن الكتمان مقترفه ونظيره: العين زانية والأذن زانية. أو للمبالغة فإنه رئيس الأعضاء وأفعاله أعظم الأفعال، وكأنه قيل: تمكن الإثم في نفسه وأخذ أشرف أجزائه، وفاق سائر ذنوبه.
وقرئ « قلبه » بالنصب كحسن وجهه. والله بما تعملون عليم تهديد.