هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين
هنالك دعا زكريا ربه في ذلك المكان، أو الوقت إذ يستعار هنا وثم وحيث للزمان، لما رأى كرامة مريم ومنزلتها من الله تعالى. قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة كما وهبتها لحنة العجوز العاقر. وقيل لما رأى الفواكه في غير أوانها انتبه على جواز ولادة العاقر من الشيخ، فسأل وقال: هب لي من لدنك ذرية لأنه لم يكن على الوجوه المعتادة وبالأسباب المعهودة. إنك سميع الدعاء مجيبه.
فنادته الملائكة أي من جنسهم كقولهم زيد يركب الخيل. فإن المنادي كان جبريل وحده. وقرأ حمزة «فناداه» بالإمالة والتذكير. والكسائي وهو قائم يصلي في المحراب أي قائما في الصلاة، و (يصلي صفة قائم أو خبر أو حال آخر أو حال عن الضمير في "قائم". أن الله يبشرك بيحيى أي بأن الله. وقرأ نافع بالكسر على إرادة القول، أو لأن النداء نوع منه. وقرأ وابن عامر حمزة (يبشرك) ، و (يحيى) اسم أعجمي وإن جعل عربيا فمنع صرفه للتعريف ووزن الفعل. والكسائي مصدقا بكلمة من الله أي بعيسى عليه السلام، سمي بذلك لأنه وجد بأمره تعالى دون أب فشابه البدعيات التي هي عالم الأمر، أو بكتاب الله، سمي كلمة كما قيل كلمة الحويدرة لقصيدته. وسيدا يسود قومه ويفوقهم وكان فائقا للناس كلهم في أنه ما هم بمعصية قط. وحصورا مبالغا في حبس النفس عن الشهوات والملاهي.
روي أنه مر في صباه بصبيان فدعوه إلى اللعب فقال ما للعب خلقت.
ونبيا من الصالحين ناشئا منهم أو كائنا من عداد من لم يأت كبيرة ولا صغيرة.