فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين
فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي تفصيل وبيان لذلك. وقيل عطف على قال إبراهيم وكذلك نري اعتراض فإن أباه وقومه كانوا يعبدون الأصنام والكواكب، فأراد أن ينبههم على ضلالتهم ويرشدهم إلى الحق من طريق النظر والاستدلال، وجن عليه الليل ستره بظلامه والكواكب كان الزهرة أو المشتري وقوله: هذا ربي على سبيل الوضع فإن المستدل على فساد قول يحكيه على ما يقوله الخصم ثم يكر عليه بالإفساد، أو على وجه النظر والاستدلال، وإنما قاله زمان مراهقته أو أول أوان بلوغه. فلما أفل أي غاب. قال لا أحب الآفلين فضلا عن عبادتهم فإن الانتقال والاحتجاب بالأستار يقتضي الإمكان والحدوث وينافي الألوهية.
فلما رأى القمر بازغا مبتدئا في الطلوع. قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين استعجز نفسه واستعان بربه في درك الحق، فإنه لا يهتدي إليه إلا بتوفيقه إرشادا لقومه وتنبيها لهم على أن القمر أيضا لتغير حاله لا يصلح للألوهية، وأن من اتخذه إلها فهو ضال.