وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون ثم توليتم من بعد ذلك فلولا فضل الله عليكم ورحمته لكنتم من الخاسرين
وإذ أخذنا ميثاقكم باتباع موسى والعمل بالتوراة. ورفعنا فوقكم الطور حتى أعطيتم الميثاق، روي أن موسى عليه الصلاة والسلام لما جاءهم بالتوراة فرأوا ما فيها من التكاليف الشاقة كبرت عليهم وأبوا قبولها، فأمر جبريل عليه السلام فقلع الطور فظلله فوقهم حتى قبلوا. خذوا على إرادة القول: ما آتيناكم من الكتاب بقوة بجد وعزيمة. واذكروا ما فيه ادرسوه ولا تنسوه، أو تفكروا فيه فإنه ذكر بالقلب، أو اعملوا به. لعلكم تتقون لكي تتقوا المعاصي، أو رجاء منكم أن تكونوا متقين. ويجوز عند المعتزلة أن يتعلق بالقول المحذوف، أي: قلنا خذوا واذكروا إرادة أن تتقوا.
ثم توليتم من بعد ذلك أعرضتم عن الوفاء بالميثاق بعد أخذه. فلولا فضل الله عليكم ورحمته بتوفيقكم للتوبة، أو بمحمد صلى الله عليه وسلم يدعوكم إلى الحق ويهديكم إليه. لكنتم من الخاسرين المغبونين بالانهماك في المعاصي، أو بالخبط والضلال في فترة من الرسل. ولو في الأصل لامتناع الشيء لامتناع غيره، فإذا دخل على (لا) أفاد إثباتا وهو امتناع الشيء لثبوت غيره، والاسم الواقع بعده عند مبتدأ خبره واجب الحذف لدلالة الكلام عليه وسد الجواب مسده، وعند الكوفيين فاعل فعل محذوف. سيبويه