وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون أولا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون
وإذا لقوا الذين آمنوا يعني منافقيهم. قالوا آمنا بأنكم على الحق، وإن رسولكم هو المبشر به في التوراة وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أي الذين لم ينافقوا منهم عاتبين على من نافق. أتحدثونهم بما فتح الله عليكم بما بين لكم في التوراة من نعت محمد صلى الله عليه وسلم، أو الذين نافقوا لأعقابهم إظهارا للتصلب في اليهودية، ومنعا لهم عن إبداء ما وجدوا في كتابهم، فينافقون الفريقين. فالاستفهام على الأول تقريع وعلى الثاني إنكار ونهي ليحاجوكم به عند ربكم ليحتجوا عليكم بما أنزل ربكم في كتابه، جعلوا محاجتهم بكتاب الله وحكمه محاجة عنده كما يقال عند الله كذا، ويراد به أنه جاء في كتابه وحكمه، وقيل عند ذكر ربكم، أو بين يدي رسول ربكم. وقيل عند ربكم في القيامة وفيه نظر إذ الإخفاء لا يدفعه. أفلا تعقلون إما من تمام كلام اللائمين وتقديره: أفلا تعقلون أنهم يحاجونكم به فيحجونكم، أو خطاب من الله تعالى للمؤمنين متصل بقوله: أفتطمعون ، والمعنى: أفلا تعقلون حالهم وأن لا مطمع لكم في إيمانهم.
أولا يعلمون يعني هؤلاء المنافقين، أو اللائمين، أو كليهما، أو إياهم والمحرفين. أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون ومن جملتهما إسرارهم الكفر وإعلانهم الإيمان، وإخفاء ما فتح الله عليهم، وإظهار غيره، وتحريف الكلم عن مواضعه ومعانيه.