ثم بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا إلى فرعون وملئه فظلموا بها فانظر كيف كان عاقبة المفسدين وقال موسى يا فرعون إني رسول من رب العالمين حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق قد جئتكم ببينة من ربكم فأرسل معي بني إسرائيل
ثم بعثنا من بعدهم موسى الضمير للرسل في قوله : ولقد جاءتهم رسلهم أو للأمم . بآياتنا يعني المعجزات . إلى فرعون وملئه فظلموا بها بأن كفروا بها مكان الإيمان الذي هو من حقها لوضوحها ، ولهذا المعنى وضع ظلموا موضع كفروا . وفرعون لقب لمن ملك مصر ككسرى لمن ملك فارس وكان اسمه قابوس ، وقيل الوليد بن مصعب بن الريان . فانظر كيف كان عاقبة المفسدين .
وقال موسى يا فرعون إني رسول من رب العالمين إليك ، وقوله : حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق لعله جواب لتكذيبه إياه في دعوى الرسالة ، وإنما لم يذكر لدلالة قوله فظلموا بها عليه وكان أصله (حقيق علي أن لا أقول) كما قرأ فقلب لأمن الإلباس كقوله : وتشقى الرماح بالضياطرة الحمر . أو لأن ما لزمك فقد لزمته ، أو للإغراق في الوصف بالصدق ، والمعنى أنه حق واجب على القول الحق أن أكون أنا قائله لا يرضى إلا بمثلي ناطقا به ، أو ضمن حقيق معنى حريص ، أو وضع على مكان الباء لإفادة التمكن كقولهم : رميت على القوس وجئت على حال حسنة ، ويؤيده قراءة نافع أبي بالباء . وقرئ « حقيق أن لا أقول » بدون على . قد جئتكم ببينة من ربكم فأرسل معي بني إسرائيل فخلهم حتى يرجعوا معي إلى الأرض المقدسة التي هي وطن آبائهم ، وكان قد استعبدهم واستخدمهم في الأعمال .
[ ص: 27 ]