واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين ولما سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين
واتخذ قوم موسى من بعده من بعد ذهابه للميقات . من حليهم التي استعاروا من القبط حين هموا [ ص: 35 ] بالخروج من مصر ، وإضافتها إليهم لأنها كانت في أيديهم أو ملكوها بعد هلاكهم . وهو جمع حلي كثدي وثدي . وقرأ حمزة بالكسر بالإتباع كدلي والكسائي على الإفراد . ويعقوب عجلا جسدا بدنا ذا لحم ودم ، أو جسدا من الذهب خاليا من الروح ونصبه على البدل . له خوار صوت البقر .
روي أن السامري لما صاغ العجل ألقى في فمه من تراب أثر فرس جبريل فصار حيا .
وقيل صاغه بنوع من الحيل فتدخل الريح جوفه وتصوت ، وإنما نسب الاتخاذ إليهم وهو فعله إما لأنهم رضوا به أو لأن المراد اتخاذهم إياه إلها . وقرئ « جوار » أي صياح . ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا تقريع على فرط ضلالتهم وإخلالهم بالنظر ، والمعنى ألم يروا حين اتخذوه إلها أنه لا يقدر على كلام ولا على إرشاد سبيل كآحاد البشر حتى حسبوا أنه خالق الأجسام والقوى والقدر . اتخذوه تكرير للذم أي اتخذوه إلها . وكانوا ظالمين واضعين الأشياء في غير مواضعها فلم يكن اتخاذ العجل بدعا منهم .
ولما سقط في أيديهم كناية عن اشتداد ندمهم فإن النادم المتحسر يعض يده غما فتصير يده مسقوطا فيها . وقرئ « سقط » على بناء الفعل للفاعل بمعنى وقع العض فيها . وقيل معناه سقط الندم في أنفسهم .
ورأوا وعلموا . أنهم قد ضلوا باتخاذ العجل . قالوا لئن لم يرحمنا ربنا بإنزال التوراة . ويغفر لنا بالتجاوز عن الخطيئة . لنكونن من الخاسرين وقرأهما حمزة بالتاء وربنا على النداء . والكسائي