[ ص: 680 ] سورة "الفيل"
بسم الله الرحمن الرحيم
ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل
1 - ألم تر كيف فعل ربك ؛ "كيف"؛ في موضع نصب؛ بـ "فعل"؛ لا بـ "ألم تر"؛ لما في "كيف"؛ من معنى الاستفهام؛ والجملة سدت مسد مفعولي "تر"؛ وفي "ألم تر"؛ تعجيب؛ أي: عجب الله نبيه من كفر العرب؛ وقد شاهدت هذه العظيمة من آيات الله؛ والمعنى: إنك رأيت آثار صنع الله بالحبشة؛ وسمعت الأخبار به متواترة؛ فقامت لك مقام المشاهدة؛ بأصحاب الفيل ؛ روي أن أبرهة بن الصباح؛ ملك اليمن؛ من قبل بنى كنيسة أصحمة النجاشي؛ بصنعاء؛ وسماها "القليس"؛ وأراد أن يصرف إليها الحاج؛ فخرج رجل من كنانة؛ فقعد فيها ليلا؛ فأغضبه ذلك؛ وقيل: أججت رفقة من العرب نارا؛ فحملتها الريح فأحرقتها؛ فحلف ليهدمن الكعبة؛ فخرج بالحبشة؛ ومعه فيل؛ اسمه "محمود"؛ وكان قويا؛ عظيما؛ واثنا عشر فيلا غيره؛ فلما جاء مغمس خرج إليه عبد المطلب؛ وعرض عليه ثلث أموال تهامة ليرجع؛ فأبى؛ وعبأ جيشه؛ وقدم الفيل؛ وكانوا كلما وجهوه إلى الحرم برك؛ ولم يبرح؛ وإذا وجهوه إلى اليمن هرول؛ فأرسل الله طيرا؛ مع كل طائر حجر في منقاره؛ وحجران في رجليه؛ أكبر من العدسة؛ وأصغر من الحمصة؛ فكان الحجر يقع على رأس الرجل [ ص: 681 ] فيخرج من دبره؛ وعلى كل حجر اسم من يقع عليه؛ ففروا؛ وهلكوا؛ وما مات أبرهة حتى انصدع صدره عن قلبه؛ وانفلت وزيره أبو يكسوم؛ وطائر يحلق فوقه؛ حتى بلغ فقص عليه القصة؛ فلما أتمها وقع عليه الحجر؛ فخر ميتا بين يديه؛ وروي أن النجاشي؛ أبرهة أخذ لعبد المطلب مائتي بعير؛ فخرج إليه فيها؛ فعظم في عينه؛ وكان رجلا جسيما؛ وسيما؛ وقيل: هذا سيد قريش؛ وصاحب عير مكة الذي يطعم الناس في السهل؛ والوحوش في رءوس الجبال؛ فلما ذكر حاجته قال: سقطت من عيني؛ جئت لأهدم البيت الذي هو دينك ودين آبائك؛ وشرفكم في قديم الدهر؛ فألهاك عنه ذود أخذ لك؛ فقال: أنا رب الإبل؛ وللبيت رب سيمنعه .