الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين

                                                                                                                                                                                                                                      فإن رجعك الله الفاء لتفريع الأمر الآتي على ما بين من أمرهم، والفعل من الرجع المتعدي دون الرجوع اللازم، أي: فإن ردك الله تعالى إلى طائفة منهم أي: إلى المنافقين من المتخلفين في المدينة، فإن تخلف بعضهم إنما كان لعذر عائق مع الإسلام، أو إلى من بقي من المنافقين المتخلفين بأن ذهب بعضهم بالموت، أو بالغيبة عن البلد، أو بأن لم يستأذن البعض، عن قتادة أنهم كانوا اثني عشر رجلا، قيل فيهم ما قيل.

                                                                                                                                                                                                                                      فاستأذنوك للخروج معك إلى غزوة أخرى بعد غزوتك هذه فقل إخراجا لهم عن ديوان الغزاة، وإبعادا لمحلهم عن محفل صحبتك لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا من الأعداء، وهو إخبار في معنى النهي للمبالغة، وقد وقع كذلك إنكم تعليل لما سلف، أي: لأنكم رضيتم بالقعود أي: عن الغزو وفرحتم بذلك أول مرة هي غزوة تبوك فاقعدوا الفاء لتفريع الأمر بالقعود بطريق العقوبة على ما صدر عنهم من الرضا بالقعود، أي: إذ رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا من بعد مع الخالفين أي: المتخلفين، الذين ديدنهم القعود والتخلف دائما، وقرئ (الخلفين) على القصر، فكان محو أساميهم من دفتر المجاهدين ولزهم في قرن الخالفين عقوبة لهم أي عقوبة، وتذكير اسم التفضيل المضاف إلى المؤنث هو الأكثر الدائر على الألسنة، فإنك لا تكاد تسمع قائلا يقول: هي كبرى امرأة، أو أولى مرة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية