قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين
قال لا تثريب أي: لا عتب ولا تأنيب عليكم وهو تفعيل من الثرب، وهو الشحم الغاشي للكرش، ومعناه إزالته، كما أن التجليد إزالة الجلد، والتقريع إزالة القرع؛ لأنه إذا ذهب كان ذلك غاية الهزال، فضرب مثلا للتقريع الذي يذهب بماء الوجوه، وقوله عز وعلا: اليوم منصوب بالتثريب، أو بالمقدر خبرا لـ(لا) أي: لا أثر بكم، أو لا تثريب مستقر عليكم اليوم الذي هو مظنة له فما ظنكم بسائر الأيام، [ ص: 305 ] أو بقوله: يغفر الله لكم لأنه حينئذ صفح عن جريمتهم وعفا عن جريرتهم بما فعلوا من التوبة وهو أرحم الراحمين يغفر الصغائر والكبائر، ويتفضل على التائب بالقبول، ومن كرمه - عليه الصلاة والسلام - أن إخوته أرسلوا إليه: إنك تدعونا إلى طعامك بكرة وعشيا، ونحن نستحيي منك بما فرط منا فيك، فقال - عليه الصلاة والسلام- : إن أهل مصر - وإن ملكت فيهم - كانوا ينظرون إلي بالعين الأولى، ويقولون: سبحان من بلغ عبدا بيع بعشرين درهما ما بلغ، ولقد شرفت بكم الآن، وعظمت في العيون حيث علم الناس أنكم إخوتي وأني من حفدة إبراهيم عليه الصلاة والسلام.